‘أبو نعيله’

تصف الأغنية الشهيرة “أبو قذيله” بأنه شبيه الريم يا..”حليله”، على عكس هذا الدلال، يوصف “أبو نعيله” من غالبية الناس بأنه شبيه القرد.. و.. “ياويله”!، ويتعامل كل واحد منهم معه على هذا الأساس، لذلك أموره في تردٍ مستمر، وفوق هذا يملك “ابو نعيله” يداً عجيبة تحول الذهب إلى تراب ما أن تمسه! وهو على سبيل المثال لا الحصر عندما يشتري سيارة جديدة من الوكالة تفقد مايقارب نصف قيمتها ما أن تخرج من باب المعرض، والأمر ينطبق على كل سلعة، وتتحول وثائق الضمان التي حرص على حفظها مع كل جهاز أو آلة جديدة أو تأكد من وجود ختم عريض عليها مع خدمة دفع ثمنها، تتحول هذه الوثائق إلى بروشور إعلاني لا يجد سلطة تهتم بتطبيقه وتتابع خللاً في التنفيذ، ويسمع كل يوم عن مداهمات لمستودعات تجار الغش، ولا يعلم لماذا تستمر السلع المغشوشة في مداهمته مع الأبواب والنوافذ وحنفيات الماء، وعندما يدخل سوق الأسهم تتهاوى الأسعار على “رأس” ماله، وإذا فكر في مساهمة عقارية لم “تقفل” المساهمة إلا على سهمه!، وهونفس الشخص الذي يتلذذ الموظف بإحالته إلى الغد الذي لا يأتي، ولا يملك إلا أن يأتي غدا وبعد غد، ويقرأ “أبو نعيله” في الصحف إعلانات ملونة عن مخططات الوناسة، وفرصة العمر التي لا تتكرر لتشييد منزل، ويجد أن الحدائق في الإعلان خضراء والمدارس والمستوصفات منتشرة، وعندما يشتري تطير الحدائق في الهواء أو تغوص في باطن الأرض، وتتبخر المدارس أو تتأخر مثل الصرف الصحي الذي يبدأ العمل فيه عندما يرحل السكان من الأحياء، وتتحول الحدائق والمدارس والمنافع العامة إلى أراض سكنية جديدة بعد أن أطبقت عليها منحة ما، رغم أن “أبو نعيله” قد دفع من جيبه وحرّ ماله جزءاً من ثمنها، عندما أشتري الأرض مغتراً بما يحيط بها على المخططات، “وأبو نعيله” هو نفسه ذلك الشخص الذي ترفض المستشفيات استقباله لكونه ليس من منسوبيها وليس له ملف فيها فهو ضائع بين الجزر الصحية المنتشرة في البلد، دائم هو متواجد على الحافة!، ينتفض أمام كل بوابة. ورغم أن هذا هو وضعه إلا أنه يقرأ دائما عن الاهتمام به والحرص عليه إلى درجة لم يعد يصدق أنه هو المقصود، ولأن “الشر يعم والخير يخص”، فإن رأس أبو نعيله هو آخر من يستقبل أية أعباء إضافية، فحينما تفرض رسوم جديدة على سلعة أو خدمة تتدحرج هذه الرسوم بسرعة كبيرة حاملة معها ما خف كتابته وغلا ثمنه، لتقع وتستقر في النهاية على رأسه، مع أن دخله هو هو لم يتغير، ولم يعد “أبو نعيله” يعي ما العمل فالفرص تتناقص والأعباء تتزايد ويكاد من فرط الإحباط الذي يعيشه، والشعور بعدم الاطمئنان أن يتخلص من نعاله ليمشي حافياً غير عالم بأن نعاله مثل حذاء الطنبوري ستلاحقه إلى أي مكان يستطيع الهرب إليه.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.