البحث عن معلومة!؟

جرب أن تحصل على معلومة حديثة عن شأن داخلي، لن تستطيع الحصول على ما تريد وإذا وجدت رقماً فسيكون قديماً وإذا تتبعت أثره ستجد أن مصدره الأصلي من الخارج.
لعل أبرز اختلاف معلن حول معلومة تهمنا جميعاً ظهرت على السطح، هي نسبة البطالة، أول الأمر تقرير لأحد البنوك المحلية تجرأ وقتها وقال إن نسبة البطالة 25% أو أكثر قليلاً، وأحدثت هذه النسبة صدمة كبيرة مماثلة، مع الفارق، لصدمة مشاهد الأحياء الفقيرة، بعد إعلان هذه النسبة تصاعد الحديث بشكل رسمي عنها وضرورة التأكد منها ومعرفتها، ثم صرح وكيل وزارة العمل قائلاً إنه لا توجد بطالة!، مستعيناً فيما يبدو بتعريف “مفصل” للبطالة، بعده بأيام، وفي مناسبة خارجية!، أعلن وزير العمل أن نسبة البطالة تصل إلى 30%، وأعجبت البعض هذه الصراحة رغم أن الصراحة لدينا، سبحان اللطيف الخبير، غالباً يفضل قولها في الخارج، والصمت عنها في الداخل في أحسن الأحوال، بعد هذا بفترة وفي حوار صحفي حديث مع وزير المالية قال إن نسبة البطالة أقل من عشرة في المائة!!.
كل هذا الاختلاف المعلن على معلومة يفترض أن سياسة مواجهتها والحلول لسد فتقها قائمة على قدم وساق، وإلا ما هو السبب الذي حث على الإسراع في السعودة، ولا أعلم كيف يمكن التصدي لأمر غير محدد، بل كيف يمكن الحكم عليه والحكم على شيء فرع من تصوره!!.
فهل يعني هذا أن السعودة تسير بلا خطة ولا هدف ولا وضوح رؤية ما دام “الرقم” مختلف عليه إلى هذا الحد!؟، وأعتقد أن فترة من الوقت طويلة مرت منذ أن بدأت الصحافة تحذر من البطالة وتطالب بالسعودة، وهي فترة كافية لمعرفة حقيقة الأرقام من أجهزة لديها القدرة كما نتوقع، رغم أن تجربة وزارة العمل مع معلومات عمالة الشركات لم تكن تبشر بخير.. لعلها تغيرت!.
نسبة البطالة والتخبط في تحديدها نموذج أوردته هنا لتوضيح حاجتنا الماسة جداً لجهة مستقلة معنية بالإحصاء وتوفير مثل هذه المعلومات، لقد أدى الفراغ بسبب عدم وجود حقيقي لمثل هذه الجهة باستقلالية تمكنها تجاوز حرص بعض المسؤولين على تأجيل الكشف عن الثقوب أطول وقت ممكن، أدى هذا إلى الاعتماد على المكاتب الاستشارية وتسليم المفتاح لها، أو إلى إدارات صغيرة سُميت الإحصاء والمعلومات، وإذا ما طلب منها شأن كانت مجرد مكتب استقبال لتلك المكاتب الاستشارية، ويصبح المسح وتحديد حقيقة المعلومات مماثلة لما يحدث لاستبيانات الرأي على الطريقة العربية، الحاجة للمعلومة الداخلية ماسة، وبسبب هذه الفجوة لجأنا إلى التقديرات ولم نصب بمثل ما أصبنا بتقديرات خطط التنمية السابقة التي غررت بنا وجعلت الكثير منا يعيشون خارج واقع وسطهم.
جهاز احصائي حديث مستقل مطلب ملح سواء بإنشاء جديد أو تطوير الموجود وإعطائه استقلالية وفوقها كثير من الشفافية، وعلى ذكر الشفافية أتمنى على مسؤولينا أن لا يحرموا صحفنا وإعلامنا من الصراحة في شؤوننا، وللأسف مما يحز في نفس كل إعلامي وكل مواطن أن تكون مصادر الخارج ووسائله غالباً هي من يحصل على الصيد الثمين في ما يعنينا، ونقول إن إعلامنا ضعيف!؟، والصحفي الأجنبي هو الذي يحصل غالباً على الخصوصية في إعلان المعلومة في شؤون داخلية ليس له أو من تتجه إليه وسيلته الإعلامية علاقة بها، ولا نعرف ما السبب هل جينات الإعلاميين في الداخل بها خلل لم نعرفه حتى الآن أم أنها عقدة الأجنبي.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.