الزعيم إذا اندهش

فيدل كاسترو زعيم كوبا، طيرت وكالات الأنباء صورة له وهو يضع وجهه بين راحتيه مندهشا بعد أن ألقى خطابا لمدة ثلاث ساعات ونصف، تعليق وكالة الأنباء يلمح إلى أن سبب الدهشة هو تفاجُؤ الزعيم الكوبي بطول الخطاب، وقد تكون الحقيقة سعادته بتلك القدرة الزعامية، ثلاث ساعات ونصف لخطاب.. والحضور جالسون لم يخرج منهم أحد، لابد أنها متعة قصوى عاشها الحضور.
كاسترو صورة من صور الدكتاتور في العالم، له أسبقية في الصراع مع الولايات المتحدة ورغم قربه منها، وتهاوي الجدار السوفياتي الذي طالما استند إليه إلا أنه ما زال باقيا نموذجا منتصبا يرمز إلى حقيقة سياسة تصدير الديموقراطية التي تقول بها الولايات المتحدة الأمريكية، رغم أنه على بعد رمية حجر من شواطئها ما زال باقيا، وليس هنا مربط المقال، بل في حرص الدكتاتور أو الزعيم في أي مكان، على طول الخطابات والبحث الدؤوب عن المفرقعات الإعلامية، قد يكون كاسترو نسي الوقت من فرط إعجابه بما يقول لأن ما يقول الزعيم وكلامه هو مادة حيوية منشطة ومفيدة إذا وضعتها في الاقتصاد انتعش وإذا سلطتها على الكساد انكمش، أما إذا استخدمتها في السياسة فهي السلاح الوحيد لرص الجبهة الداخلية، وهي في عرف الزعيم القوات الجوية، لماذا لا يستطيع الزعيم الدكتاتور أن يلقي خطابا قصيرا؟، لأنه يحب شعبه!، أو لأنه يعتبره نشاطا وعملا أساسيا للتوجيه فلم يعد لديه غير الكلام، أم لأن لا أحد يستطيع أن يقول له انتهى الوقت؟، من غير الممكن بالطبع أن يقال له أعط الفرصة لغيرك فهذا من المستحيلات.
نموذج آخر للدكتاتور في شخصية الزعيم العراقي وهو هنا حالة خاصة شبّه أستاذ فلسفة عربي صورته وهو جالس على كرسيه كأنه أحد أصنام الحضارة البابلية، هذا الهوس بالوثنية هي التي جعلته يبدأ رسالة الموافقة على استقبال فرق التفتيش من دون قيد ولا شرط بأية قرآنية كريمة فيها يوجه الله سبحانه وتعالى النبي موسى وأخاه هارون بالذهاب إلِى فرعون الطاغية، لتحذيره وتنبيهه مما هو فيه من الظلم لنفسه وللناس، ولم أستطع معرفة لمن وجه خطاب الزعيم، وماذا يقصد بتصدير الآية الكريمة لخطاب القبول المفروض عليه، خاصة إذا فهمنا أنه يقصد بالفرعون جورج بوش، لكنه طغيان الدكتاتور الذي يبيح لنفسه تقمص أي دور فمن سيقول له لا ومن سيجرؤ على تذكيره بانتهاء الوقت.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.