لم يفاجئني تدني مستوى الاكتتاب في شركة الاتصالات، والسبب ان الاقبال يعتمد على الثقة وقد بين لنا مستوى الاكتتاب في الاتصالات عن مستوى ثقة الناس بها، وليس من الصعب تغطية الاكتتاب، يستطيع عشرون أو حتى عشرة من كبار رجال الأعمال مع تسهيلات البنوك المعلنة تغطية الاكتتاب، لكن التدني في الاقبال كان مؤشرا بل استفتاء حياً على شركة لم تنجح فيه بل أخفقت بامتياز، والأسباب كثيرة الرئيس منها هو سوء العلاقة بين الناس والشركة، هذه الأخيرة لها خصوصية أن الناس يتعاملون معها كل يوم بل كل ساعة، لذلك هم يعرفونها حق المعرفة، ولأنها وضعت منذ أمد بعيد في أذنيها طيناً وعجيناً لا تسمع انطباعات الناس عنها وملاحظاتهم تكون لدى المكتتبين وهم الغالبية من المشتركين صورة سلبية واقعية عنها، وبالاضافة الى سوء الخدمة، وخدمة ما بعد الخدمة وارتفاع سعرها، لم تهتم الشركة، ولا وزارة المالية بكل ما يدور عن ما يحدث اداريا داخل الشركة، ولم يتم الرد المقنع على ما يرشح من معلومات وتجاوزات، وقد ذكرت في مقال سابق عنوانه “نكتتب أو ما نكتتب” ما كان يفترض ان تقوم به وزارة المالية وصندوق الاستثمارات العامة، من التوضيح قبل الطرح للمستهدفين من الاكتتاب، لكن هذا لم يحصل، لقد نسي المكتتبون أنها شركة وطنية وحيدة وتحقق دخلاً ضخماً ومرشحاً للزيادة، فالمهم أين يذهب هذا الدخل!؟ وهل تتم ادارته بالصورة الصحيحة، هذا من “خصوصية” شركة الاتصالات، فاذا اضفنا اليه تاريخ اداء الشركات المساهمة في الغالب الأعم والذي لا “يبيض الوجه” مع عدم المحاسبة، وتراخي الجهات المعنية بالمراقبة وتعليقها على الجمعيات العمومية، علمنا ان مناخاً مثل هذا لا ينتج الا مثل هذه النتيجة، وفي كبرياء غير محسوب حاولت شركة الاتصالات تحسين صورتها بتغيير الشعار مع حملة إعلامية كلفت ما كلفت، وما أمامنا يقول ان تلك الحملة حققت فشلاً ذريعاً اللهم الا لمن قام بادارتها! وقد أشرت الى ذلك في حينه، بل امتازت شركة الاتصالات بحالة جديدة، فقد سجل هذا الاكتتاب سابقة في الاكتتابات وهي تراجع بعض المكتتبين عن طلباتهم؟!
ما يجب ان نتوقف امامه ان شركة الاتصالات شركة وطنية ليست ملكاً لشخص ولا مجموعة، وما حصل هو جرس إنذار للمسؤولين عن الاستثمار في بلادنا، والتهوين مما حصل بداعي التوقيت الخاطئ للطرح، والأحوال السياسية المحيطة بنا، او شركات علي بابا لتوظيف الأموال!!وهو آخر عذر سمعته كأن هذه الشركات نشأت قبل اسبوع! كل هذه الاعذار غير حقيقية، واذا تجاوزنا يمكن أن نقول عنها انها ثانوية..
أين الخطورة على مستقبل شركة الاتصالات؟
تكمن الخطورة على مستقبلها في نتائج هذا الاستفتاء، فاذا تم تغطية الاكتتاب باي طريقة وهو أمر ممكن، فان القاعدة العريضة من المكتتبين الذين قالوا لا، هم في الحقيقة المشتركون، رأس مال الشركة الحقيقي، وزبائنها الذين يضخون المال في عروقها، هؤلاء كأنهم ينتظرون شركات اتصالات جديدة يشتركون فيها تاركين هذه.. الوطنية، التي لم تقصر ابدا.. ابدا في إجبارهم على الابتعاد عنها بل انها هيأت المناخ المناسب المغري لأي مستمر جديد في الاتصالات!لقد قال المكتتبون بوضوح إنه لا يصح إلا الصحيح، ولو تأخر!
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط