أكتب لكم هذا المقال وطنين بل صرير عجلات سيارة تفحط لازال مسيطراً على سمعي، لا أعلم هل كان صاحبها يعبّر بمحرك سيارته عن فرحه بنتيجة الامتحانات ام انه يحرق تلك العجلات قهراً منها؟.. ومن استمراره في التفحيط يظهر لي انه “عليمي” وهذا اخطر انواع المفحطين لانه يحاول ويحاول إلى ان يثبت لنفسه وللجمهور براعته، والله وحده يعلم من سيكون الضحية من البشر والسيارات وأعمدة الإنارة، وإذا قادتك “قرادة” الحظ لتمر وسط كومة مفحطين فالزم الهدوء، واتح لهم فرصتهم كاملة، إذا كانوا يشجعون شجع معهم ولا تفكر بنصح أو ارشاد، حتى لا تكون انت نفسك ميداناً للمجاكرة والتحدي، فأنت لا تعلم تفاصيل وأسرار “الهجوله” ولا على من “الطبه” اليوم. حتى ان للشوارع التي يستخدمونها عندهم اسماء خاصة إذا سمعتها تعتقد انها غير موجودة على الخريطة. على زماننا كان هناك رواد لصرير العجلات أذكر منهم مفحطاً شهيراً اسمه تفاحة، ومن شهرته ان اسمه يكتب بالخط العريض على الجدران في تحد كأنه يقول هل من مبارز؟.. وواضح ان الاسم كان مستعاراً قبل الإنترنت، واختاره بعناية لإبعاد الشبهة، فلم يكن “ابو جلنط”، ولا “مفك عجل”، ولا “ريوس”. ويمثل هؤلاء المفحطون و”المجدعون” قدوة للجيل الذي يليهم، ومع اتساع الشوارع وتباعدها وجدوا ميداناً رحباً واصبحوا مثل فرق حواري كرة القدم، لكنها فرق تتبارى بالتفحيط أهدافها دماء وأشلاء وسكراب، وهم اول من يكتشف الشوارع الجديدة ما ان تزفت ولديهم رغبة محمومة في ان يكونوا اول من يقص الشريط. ما هو العقاب الذي ينتظر المفحط؟ السجن أو الغرامة أو كلاهما معاً إذا لم يكن لديه واسطة طبعاً، إذا كان لديه فلابد ان السيارة فحطت به مثل عمود النور الذي يعترض السيارة المسالمة فتصطدم به، لنفترض الآن ان المفحط عوقب فماذا سيحدث له، في الغالب يتعلم علوماً جديدة نتيجة احتكاكه في السجن بمن هو أكبر منه وأكثر خبرة ومراوغة وقد يتطور به الأمر ليتخرج مهرباً أو متخدراً، ولا اعلم إذا ما كان هناك إحصائيات عن اثر العقوبات عليهم وعلى غيرهم ومدى نجاحها، لكن مع التحريض الإعلامي وتعدد قنواته فإن المفحطين والمعجبين بقدراتهم في ازدياد، وأقترح ان يلغى عقاب السجن ويستبدل بالخدمة الاجتماعية، تصوروا معي لو ان المفحط أجبر على خدمة ضحايا حوادث السيارات من مفحطين وغيرهم ممن اصبحت الأسرّة البيضاء منازلهم، تصوروا معي ذلك والاثر الكبير الذي يمكن ان يحدثه عقابهم بالعمل في الخدمة الاجتماعية في المستشفيات ساعات محددة تحت إشراف صارم، حتى ولو كان ذلك العمل تنظيف غرف ضحايا الحوادث.إن خيار الخدمة الاجتماعية بدلا من السجن يجب ان يفتح وينظر فيه لهؤلاء ولغيرهم .
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط