موسم الهجرة من السعودية!؟

قد لا يرى البعض في مبدأ الهجرة من الوطن أمراً غريباً، مسوغاً إياه بما قام به الاجداد في زمن مضى، مثل هؤلاء لا يعنيهم هذا المقال، كما أنني لا أقصد هجرة العقول السعودية إلى الخارج لانني أعتقد أنها “عقول” وتعرف مصلحتها، فإذا لم تجد تقديراً فلمَ لا تذهب إلى حيث التقدير!، وحتى يكون تناول قضية هجرة السعوديين واضحاً أشير إلى ان المقصود أولئك الشباب الصغار الذين يهاجرون بحثا عن عمل، نعم… بحثاً عن عمل!، يهاجرون من أكبر سوق عمل في المنطقة!؟، ينفون أنفسهم قسراً من أرض هي غاية المنى لمن لا يحصى عدده من سكان المعمورة، ميدان يضم ملايين العمالة الوافدة الحالمة بتحقيق فرصة العمر!؟.
ومن قبيل الترف البحثي في بلادنا مجرد التفكير بالعثور على أرقام عن هذا النوع من الهجرة، فإذا كان وزير المالية لا زال يحتاج لبعض الوقت ليحدد رقم الدين الداخلي!؟، والاختلاف على حقيقة نسبة البطالة بين السعوديين صار من قبيل التعددية في الآراء!، اذا كان ذلك كذلك فلن نتعب أنفسنا بالبحث عن رقم.
جريدة الشرق الأوسط وفي تقرير لها لاحظت ان إعلانات طلبات التجنيس والهجرة التي تنشر في الصحف السعودية لم تعد تحتوي على عبارة “لغير السعوديين”!، والتقت ببعض الشباب الذين استقروا أو هم في طريقهم للاستقرار بحثا عن عمل في الخارج احدهم قرر السفر إلى بريطانيا للعمل براتب ثلاثة آلاف ريال شهريا!؟، والادهى والأمرّ ما جاءت به الصحيفة، حيث قالت إنها وقفت في إحدى مدن الجنوب الإنجليزي على محاولات فتيان “خليجيين” تتراوح أعمارهم بين الثامنة عشرة والثانية والعشرين لتحويل جوازاتهم “الخليجية” إلى جوازات عراقية أو سودانية طمعا في الحصول على اللجوء السياسي والاستفادة من المميزات المتاحة لهذا الفئة هناك من دخل شهري وفرصة للتعليم الخ..، ولأن التقرير عن هجرة السعوديين فقط، ولم يتطرق إلى أية جنسية خليجية أخرى فإن هذا يدفعني للاعتقاد انهم سعوديون!!.
كيف أصبحت بلادنا طاردة لأبنائها فاتحة ذراعيها لابناء البلاد الأخرى!؟، كيف تختفي أو تخفى عن عمد الفرص عن أبناء الوطن وتتاح لغيرهم!؟، هل أصيب شبابنا بعمى خاص جعلهم لا يستطيعون رؤية الفرص؟، هل هذا من ضمن خصوصيتنا!؟.
ما سبق وغيره مما نعرفه جميعاً ليس حالات فردية بل هي حالات جماعية، تشير إلى ان خطط السعودة فشلت فشلا ذريعا، وان القوى التي جاهدت لإعاقة هذه الخطط نجحت بامتياز في تحقيق أهدافها!، ولم يتطلب وضع العراقيل أمام خيار السعودة إلا الجهد القليل خصوصا مع توفر الديناصور البيروقراطي الذي لا يعرف حتى الآن كيف يتحرك لإنجاز خيار إستراتيجي أمني اجتماعي مستقبلي، هذا الديناصور البيروقراطي يلاحق ذيله ويدور حول نفسه متوهماً انه يعمل ومنتظراً تحقق معجزة!.
القوى المعرقلة اكتفت باستخدام الإعلام صباحاً تمجد فيه مشروع السعودة ذراً للرماد في العيون، وعندما تعود إلى مكاتبها تقاتل علنا في سبيل وئده ودفنه تحت كومة من التصاريح، وتضافرت مع جهود هؤلاء حالة عجز تام لا تبعث سوى على الدهشة والعجب لدى وزارة المالية ومؤسسة النقد في ترك الحبل على الغارب للبنوك التي لا تريد ولا ترغب القيام بواجبها في الاقتصاد الوطني، فأصبحت مستودعات لكنز الذهب والفضة لقلة محدودة، أما هؤلاء الذين يهاجرون أو يتجمعون في المقاهي والاستراحات، أو يتحولون إلى لصوص ومتعاطين لاصناف المغيبات، فهم في الحقيقة لا يرغبون ان يكونوا مديرين كما اشاع المعرقلون افتراء، هم يريدون فقط لقمة كريمة وفرصة بسيطة لن تخطف من كعكة المعرقلين الضخمة شيئاً يذكر.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.