الخواجة

لأجل توفير ريال واحد يقطع الخبير الخواجة حوالي أربعين كيلومتراً يومياً من غرب المدينة إلى شرقها قاصداً مطعماً يقدم الكبسة بسعر أرخص.. ريالاً واحداً، وقتها فكرت بتكلفة الوقود فقيل لي ان السيارة والوقود على الشركة، وفهمت ان الخواجة أذهن مني ومن الشركة.
تذكرت هذه القصة القديمة نسبياً، وأنا أطالع قرار بل توصية مجلس الشورى بعدم فرض ضريبة على الوافدين، المجلس برر توصيته بأن التكاليف أكبر من الحصيلة المتوقعة وفي طيات هذا التبرير معرفة عميقة بحال الأجهزة الحكومية وشهادة… ثقة أيضاً!، وحتى لا أُفهم خطأ فأنا لست مع فرض أي نوع من الضرائب على الدخل الفردي، والإعلان عن توصية مجلس الشورى بعث ارتياحاً في نفوس الاخوة الوافدين لم تستطع الصحافة المحلية رصده للأسف، فنحن نعرفهم من خلالنا ولا نعرفنا من خلالهم!؟، واتصور ان الحكومة الآن تحقق إيراداً ضخماً من رسوم الخدمات المختلفة والمتبعثرة بين أجهزة كثيرة، ولو وظفت التوظيف المناسب وتحقق لها الضبط والربط لتحسنت أمور وصلحت أحوال.
الخبير الخواجة سالف الذكر ليس حالة خاصة، واحد آخر يشاركه في الدخل الجيد، يقول زملاؤه الذين يعملون معه منذ سنوات انه ليس لديه سوى بنطالين وقميصين فقط، وهذا يعني امتلاكه أربع خيارات لتغيير ملابسه في الاسبوع الواحد!، ثم يعيد التشكيلة مرة ثانية في بقية أيام الأسبوع، ولا أذكر الجنسية حتى لا اُتهم بالتحريض على الكراهية خصوصا وان زملاء الأخير كان يشتكون من رائحته هنا يمكن أن اتهم بالتحريض على الاستحمام، أو بالمطالبة بتوفير أقنعة الغاز التي لابد أن تكون أفضل حالاً من أقنعة حرب تحرير الكويت، والوافدون هم أكثر الناس توفيراً في بلادنا التي تعتبر حصالة ضخمة للتوفير، فليس هناك مجال للصرف سوى على السكن الذي يوفر في العادة وعلى المأكل الذي يقطع الخواجة كل تلك المسافة لادخار ريال واحد.
مؤسسة النقد العربي السعودي في تقريرها السنوي حثت على زيادة الادخار العام والخاص!، ولكنها لم تتطرق لعدم استفادة الأفراد العاديين من هذا الادخار الذي يذهب على هيئة قروض للكبار أو يشجع الصغار على زيادة الاستهلاك وملاحقة الكماليات فهي للأسف تدعو إلى شيء، وتتغاضى عن سياسات البنوك التي تعاكس تلك الدعوة.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.