أبرز ما لفت انتباه القراء في التقرير الذي نشرته «الحياة» قبل أيام عن القوى العاملة في السعودية، هو تلك الإشارة إلى أن 1667 أمياً يعملون في وظيفتي مدير ومدير عام، منهم 336 من غير السعوديين.
عدم إجادة القراءة والكتابة، أعتبرها أمية قديمة، لأن الأمية في العصر الحديث أصبحت تتناول مهارات مستحدثة ومهمة، أقلها القدرة على التعامل مع التقنيات المتطورة واستثمارها في الأعمال، ولكن، في بلادنا، ومع التهافت على الشهادات العليا كحلية اجتماعية مؤهلة للمناصب، يمكن القول ان لدينا أميات متعددة مختلفة… بل ملونة، قد يكون للشهادة الصورية أو الشكلية دور فيها. ولم اطلع على اصل الإحصاء الذي قامت به مصلحة الإحصاءات العامة، ونشرته «الحياة»، وكنت أتمنى أن نعلم كم نسبة من يحملون شهادة الدكتوراه من بين من يديرون المستويات الوظيفية من المدير العام فما فوق في الجهاز الحكومي، لنعلم عندها عن اثر ذلك وهل له دور في الطفرة التي يذكر أننا نعيشها أم في الاختناقات التي نشكو منها ودخولنا من أزمة في أزمة؟ لأن نسبة مهمة من تلك الشهادات ليست من حيث التخصص العلمي متطابقة مع مهام الوظيفة، هذا بشكل عام، ولو أراد احد التدقيق والبحث في القدرات الشخصية والموهبة الإدارية ربما نكتشف نتائج أكثر إثارة من وجود ذلك العدد من الأميين.
الإحصاء المهم أشار أيضاً إلى مسألة جوهرية، وهي أن العمالة الوافدة تزيد على النصف من القوى العاملة في السعودية، وهو ما يطرح أسئلة عن التوازن في سوق العمل، إضافة إلى أن الإحصاء أكد ما هو معروف من أن العمل في الإدارة العامة هو الأكثر جذباً للسعوديين.
سبق لي ان كتبت، ناصحاً، عن فجوة أراها تتسع في الجهاز الحكومي، حيث لا إحلال للقوى العاملة في المستويات الإدارية الصغرى، فيتكاثر المديرون بعد الترقيات ليشرفوا على موظفين اقل عدداً مع خبرة اضعف، وهكذا حتى أصبح الهرم الإداري مقلوباً على رأسه. اعتقد انه من المناسب لمصلحة الإحصاءات إعداد دراسة حول هذه المواضيع الحيوية، ربما نعلم عندها بعضاً من معوقات التنمية في بلادنا.
….
يقال في الأمثال الشعبية عمّن لا ينصت لمن حوله على رغم محاولات المحيطين حضّه على التجاوب فلا يحرك ساكناً، انه قد وضع «في أذن طيناً وفي الأخرى عجيناً». تذكرت صديقي العزيز الذي يحتل الصدارة في «التطنيش» متى ما أراد، والمبادرة إذا استهواه وأعجبه الأمر، والتفت إلى مشكلة ندرة الطحين في بعض المناطق في السعودية، ملت عليه وقلت: إنها اللحظة المناسبة لأن تستخرج العجين من أذنك وتعرضه للبيع!
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط
تعليقا على مقالكم (هرم مقلوب ) اقول في هذا الصدد بان الهرم خربان وياليته مقلوب كان من السهل تعديله الى وضعه الصحيح,حتى لو استعنا برافعه وينش.
والدراسات الحيويه التي طلبت اعدادها من الجهه المعنيه,وكل الدراسات التي تلقيناها في الماضي في اطار تنمية القدرات الشخصيه والموهبه لتطوير الآداء الوظيفي كلها تصب في مهب الريح لان الحسبيات وللآسف طغت على كل شي وادت الى سلبيات في العمل بما لايخدم صالح العمل,ويوجد نماذج لبعض المؤسسات الحكوميه التي تحتضر وتترقب الموت الذي لامفر منه.
مما ينعكس سلبا على الاستفاده المثلى من ذلك القطاع.
السلام عليكم أستاذي الفاضل
أولاٍ أتفق معك في أن الهرم مقلب وليس هذا عيبة الوحيد بل هو منخور أيضاً ومتأكل
عندما تتكلم عن الشهادات ملونة تذكر أن أغلب من يحملون الشهادات هم أما من خلفيات أجتماعية متفتحة لا تشكل أغلبية في البلد أو من وضعهم المادي فوق المتوسط إلى الثراء الفاحش أن أسلوب التوظيف لا يعتمد على أى أصل علمي أو حتى منطقي المحسوبيات والواسطات وأسم ألعوائل كلها تلعب دور لا يصل الشخص إلى المناصب بعملة بل بحسبة ونسبة وبمعرافة ومدى براعته في النفاق الوضع الحالي للمناصب الحكومية مريح لفئة تفعل ما يحلو لها من تجاوزات وفساد ودخول عناصر مغيره قد يطير أرزاق!!
أما عن مسألت الخبرة من أين لفئة الشباب بالخبرة أذ أن أى وظيفة تطلب خبرة خمس سنوات والمتعقلين سنة..شرط الخبرة وضع فقط لتعجيز الشباب أنهم بلا خبرة لا يعنى أنهم لا يفقهون وهناك مسألة في الأدارة في أمريكا مثلاً نجد في البيت الأبيض متدربون بينما نحن حتى على مستوى القطاع الخاص لا يوجد من يقبل بك كمتدريب…عموماً الطريق طويل وكل يوم تكشف لنا الأحصاءات خبايا سوء التخطيط هذا أن كان يوجد تخطيط بمفهومه العلمي ؟
تحياتى لك
أمل
حياك الله . أبو أحمد
هذا صحيح هو ألى متبع الأن. الله يكون بالعون الشكوى لله وحده]
الله يعطيك ألف عافية أستاذى الفاضل..
ومع خالص تحياتى وتقديرى / صلاح السعدى