في الاختيار

اختيار الموظفين ليس سهلاً، مهما كان المستوى الإداري أو نوعه، في القطاع الخاص أو العام، هذا إذا كان الهدف الجودة وحسن الخدمة وتطويرها.
عادة يسأل صاحب العمل أو المؤتمن عليه احد أصدقائه أو مستشاريه هل يعرف أحداً يصلح لهذه الوظيفة، فيجيبه الصديق قائلاً: فلان «كويس»! ولا يعرف هل «كويس» هذه من الكياسة أم من الكوسة، «الكواسة» هنا في بطن المستشار، ربما يرد بقوله: ذاك الرجل «مناسب»، ولا يعرف أيضاً مناسباً لماذا؟ للوظيفة أم لمن رشحه؟ في القطاع الخاص يحذّر أصحاب الحلال والقرار من قيام المنافسين بزرع موظفين في شركاتهم، ومعهم كل الحق. ولدينا قطاع مشترك بين العام والخاص، مثل عدد من الشركات المساهمة، وهي حالة خاصة، في مسألة التوظيف عند اختيار أعضاء مجلس الإدارة، والتنفيذيين ممثلين لنسبة الملكية المؤثرة، يكون للرضا الشخصي والمحسوبيات الدرجات الأولى، الهدف المبطّن هو «التنفيع» جائزة ثمينة للرضا الشخصي والقبول، حضور اجتماعات لها أتعاب، ونهاية العام فيها مكافأة مجزية. لذلك تجد أن نسبة مهمة من هذه الشركات التي بلغت من العمر في السوق عتياً «مكانك راوح»، لم تستطع أن تطور أعمالها، بل هي في تراجع مع المنافسة. في حالة أخرى تتحول هذه المواقع إلى رف مزخرف لمن يراد تحييده أو التخلّص منه موقتاً بلباقة لأن لديه جذوراً أو سابق حضور، في كل الأحوال الضرر يقع على المنشأة والغرض من إنشائها.
في القطاع الحكومي يبرز الرضا الشخصي كمحدد، يريد صاحب قرار التوظيف نسخة منه في الوظيفة. يفضل التابع الذي لا يحرك ساكناً، «لا يغطي مكشوفاً ولا يفتش مغطى» بحسب المثل الشعبي الدارج، في حالات أخرى يفضل «الموصل» الجيد، من التوصيل السريع، مهما كانت رائحة الوجبة التي أوصلها!
أيضاً للقدرة على تسويق الشخص نفسه وإمكاناته أهمية بالغة، والأولوية هنا لقدرات الشطارة الاجتماعية، تذكر عزيزي القارئ أن كل هذا لا علاقة له بمهام الوظيفة ومسؤولياتها. ومن الشطارة الاجتماعية «الذرابة»، وهي التلطف وتقديم الخدمات خارج نطاق الخدمة كما «الجوكر» مع حسن المظهر، لا يهم حتى ولو كانت «ذرابة» اصطناعية قد ظهرت أليافها البلاستيكية. ومن الذرابة ألا تقول «لا» أبداً، إلا في التشهد، يفضّل أن تسحق هذه «اللا» في كأس ماء وتتجرعها، أو تعلقها «خمخمة» في أذن «المعزبة» بالمنزل.
والحقيقة أن النفس البشرية، عادة، لا تطيق سماع «لا»، ولا بناتها أو بنات جيرانها، مثل «هذا غير مناسب»، «لا انصح بذلك»، «قد يكون هذا خياراً خاطئاً»، «هناك حلول أفضل»، كل هذه الردود تدخل في شجرة عائلة «اللا» غير المثمرة، وتعتبر في العرف الوظيفي من الجلافة.
في المقابل، هناك شجرة مثمرة، للتسلق مثل «الله أكبر… من وين تجيب هالأفكار؟!»، «ماشاء الله تبارك الله عيني عليك باردة»، والعين في الحقيقة على الوظيفة… وثمارها.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

4 تعليقات على في الاختيار

  1. riyad كتب:

    استاذي الفاضل
    الشكل العام لفكرة المقال مفهوم
    و يعطيك الف عافيه
    الموضوع و مافيه :
    من المسؤل اللى يقدر يدخل لخزينة الدولة اكبر قدر من المال بغض النظر عن الطرق التى يستخدمها.
    مثال فقط : شركة الاتصالات السعودية = الخطوط الجوية العربية السعودية .
    رجاء خاص :
    ارجو اعطاء موضوع التأمينات الاجتماعية و معاشات التقاعد حقها من النقاش و اكسبوا حسنات من دعوات المسلمين : اقتطاع جزء ليس بالسهل من راتب المواطن كل شهر و بعد تقاعده لا يستطيع ان يصفي او عدم استفادة ابناءه او زوجته من هذا الورث الذي يطبقون الشرع لصالحهم فقط لا بارك الله فيهم ( والله ان اليهود ارحم منهم) فعند موت المواطن المتقاعد لا تستحق زوجته الآ الحد الشرعي ( الثمن فقط 1/8) و يذهب باقي المبلغ على اولاده و هم احياء .
    ارجوكم المطالبة فقط بجعل هذا المبلغ المخصوم اختياري فقط .
    ولكم جزيل الشكر

  2. صالح الصالح كتب:

    مقال أكثر من رائع….
    والله كأنك تعيش هذه الأيام في الاتصالات السعودية شركتنا الكبيرة التي بغى فيها المسؤولون وطغو ولا حياة لمن تنادي
    إن لم تكن ذنبا لكبير من كبرائهم فستظل صغيرا في انظارهم
    نسأل الله أن يهيء لهذه الشركة العملاقة من يتقيه ولا يخشى في امانته لومة لائم ويخلص الشركة من بعض النواب الذين يعملون من منازلهم ولا نراهم في الشركة الا في مناسبات التصوير والمصيبة ان ذلك بعلم مجلس الإدارة
    رجائي ان تزور المركز الرئيسي للشركة لتقف على هذا الوضع المأساوي وأحمل قلمك أمانة إنكار هذا الوضع المائل
    تحيتي

  3. منصور كتب:

    الصراحة يا أخ عبدالعزيز بعد هالمقال بديت اشك انك موظف في شركة الإتصالاتزحيث أنني موظف وهذا ما يحدث لدينا حاليا حيث يتم اعادة هيكله الشركه وقد اطلق عليها أحد الزملاء”هيكلة الأهل والأصدقاء” أشكرك على هذا المقال

  4. أرامكاوي كتب:

    تعال شوف أرامكو السعودية (الإمبراطورية إللتي لاتغيب عنها الشمس) أو كما يسميها البعض (دولة داخل دولة) ما أود قوله هو أن أي شكل من أشكال الظلم على الموظفين في الشركة ويتمشى ويتوافق مع حقائق الوجود مثل برنامج الـPMP لأن المظلومين منه كثير ولو سألت أي موظف وقلت له هل تعتقد إن هذا البرنامج أو طريقته هو السبيل الأمثل لتقييم الموظفين ؟ أكيد بيكون ردهم سلبي إلا من رحم الله !! نريد العدل نريد الأنصاف

    الأسباب قد تخفى على كثيرين وعلى الإدارة العليا لاكنها لاتخفى على من يعيشها.. هذه الاسباب تتلخص في الاتي:
    1- ظلم مستمر ثمان ساعات باليوم على مدى خمس ايام بالاسبوع.
    2-تحول ارامكو من رمز لتقدير الكفاءت الى رمز لتفضيل المحسوبيات والوسطات.
    3-في ارمكو انت تظلم ويجب ان تبتسم لانك قد تفصل ويقطع عيشك وعيش اولادك.
    4-اخترعوا في ارمكو نظام التظلم وهذا النظام هو بوابة الجحيم لمن يذهب اليه لانه ببساطه سوف يجعل الجميع اعداءك ولا من منصف(هذا النظام اخترع ليتواكب مع مسيرة ارمكو السعوديه في عالم الاستعراض الفاضي)
    5-ببساطه لتعيش في ارمكو يجب ان تكون مطيه لرئيسك المباشر بحيث تنقل له جميع الاخبار وتجاريه بما يحب وتضحك على نكته البايخه

التعليقات مغلقة.