كل مهتم بالشأن العربي العراقي يعلم أن وجه العراق تغير، بوجوه تم وضعها في الصدارة السياسية، ومن المعلوم مما خبرنا من العراق وأهلنا فيه، أن تلك الوجوه لا تمثل معظمهم حقيقة التمثيل، وفي العلم أيضاً أن العمل جار على قدم وساق بمباركة استعمارية أميركية لتغيير جذور العراق، ليس مهماً أين تتجه هذه الجذور، الحماسة لقلب التربة واستنبات الجديد تستلزم حاجة لمساعدة المتوثبين، وهنا أتى دور الجاهزية للتصدر.
وعندما احتضنت السياسة الأميركية مجموعة من الساسة العراقيين من أطياف مختلفة، في اجتماعات عدة، منها ما عقد في لندن وإقليم كردستان العراقي، كانت الصورة المعلنة أنها معارضة ممثلة لمختلف أطياف المجتمع في بلاد الرافدين، وان الاتفاق هو تغيير حكم الديكتاتور بحكم ديموقراطي.
إلا أن السياسة الأميركية الخارجية، بعد نجاحها في الإطاحة بالنظام العراقي السابق ارتكزت استراتيجيتها، على تجهيز وإعداد المسرح السياسي العراقي، على طيف معين وتوجه محدد، قامت عن تصميم بتسليمه زمام الأمور، وكان من المدهش أن ابرزَ ما في هذا الطيف، وفي مقدمة المقدمة، أحزابٌ لها ارتباطها السياسي والعقائدي بالجارة إيران، «الخصم اللدود» للغازي المحتل! ومن النتائج العجيبة في الصراع الأميركي – الإيراني توأمة «سياسية» داخل العراق، وسط غبار من الاتهامات بأعمال إرهابية، أقول غبار لأنها لم تؤثر على الإطلاق في وجوه العراق السياسية الحالية المدعومة بكل قوة من بوش.
أيضاً كان من الواضح، مثل الشمس في رابعة النهار، لكل ذي فهم سليم أن وجه العراق العربي تُجرى له عملية تغيير ملامح، تتكامل مع تغيير الجذور والواجهة السياسية، من هنا، لم أستغرب أن ينسحب عدد من أعضاء برلمان العراق «الجديد» من جلسة اجتماع للبرلمانيين العرب، لأنه تم طرح قضية الجزر العربية الإماراتية التي تحتلها إيران منذ أكثر من ثلاثة عقود، هذا خط احمر لدى أولئك البرلمانيين العراقيين لا يرضاه السيد ومحرك خيوط الدمى، فمن يمثل هؤلاء البرلمانيين يا ترى؟ ناخبون في بغداد أم في الإدارة السياسية في طهران.
وعن أية مصالح يدافعون؟ والجزر الإماراتية معروفة قصتها واحتلال إيران الشاه لها واستمرار «الحكومة الإسلامية الثورية» في الاحتلال وإصرارها عليه مع استخدامها الجماهيري لقضية فلسطين كل يوم، مبدأ الهيمنة هو نفسه وإن اختلفت اللغة.
إن هذا الموقف العجيب والمخجل سياسياً، يطرح جملة أسئلة أبرزها، ماذا يتوقع من دور لهذا البرلمان في حقوق عراقية في شط العرب وقضايا حدودية شائكة مع إيران؟ أما أهم هذه الأسئلة فهو مطروح على دول مجلس التعاون التي تُدفع دفعاً لتطبيع العلاقات مع السلطة العراقية وفتح السفارات ودعم العراق الجديد. هل بعد هذا يتوافر مكان لحسن النوايا في عراق تم استلابه؟
تحياتي لك ولقلمك الحر الرائع
ليت قومي يعلمون
والمشكلة ان هناك من يصدق ان امريكا و ايران اعداء !!