غبارنا… ضبابنا الخانق

لو تم تقويم الخسائر التي يتسبب بها الغبار وموجاته الدقيقة لأدهشتنا الأرقام. الخسائر المباشرة وغير المباشرة ضخمة وإن لم تقدر بعد. وللغبار أو «العوالق الترابية» كما تسميها رئاسة الأرصاد وحماية البيئة في السعودية والخليج مواسم كاتمة للأنفاس، تمكنك زيارة مراكز الطوارئ الصحية في المستشفيات والمستوصفات العامة والخاصة، لترى حجم الضرر الصحي. نساء، رجال وأطفال في شوق إلى الأوكسجين. ضغط كبير تتعرض له أجهزتنا التنفسية الضعيفة. لم يعد الشماغ مفيداً كما كان واقياً باللطمة، في حين أصبحت ذرات الغبار أكثر دقة وقدرة على اختراق كل «الفلاتر». إنه غبار «هاي تك»، الجانب الصحي – بما يتشعب منه من كلف أدوية وضغوط على الخدمة وأخطار على حياة المصابين بالربو وتعطيل إنتاجية للمرضى والأطباء – هو احد الجوانب لأضرار موجات الغبار. في جانب ثان يمكن تقدير خسائر الحوادث المرورية في الأرواح والممتلكات. الثالث: أن موجات الغبار تزيد من استهلاك المياه، عندما تنحسر يبدأ النزف أكثر في الغسيل والتنظيف. يضاف إلى هذا ان الغبار يتلف الكثير من الأجهزة والأدوات، ويقلل من فاعليتها وعمرها الافتراضي الإنتاجي.
يؤطر هذا فعله المؤثر السلبي على الحالة المزاجية للسكان، فيصبحون أكثر حدة وعصبية.
السؤال: ألا يمكن أن نخفف من موجات الغبار؟ لا أقول القضاء عليها، بل تخفيفها. اجزم أن بالإمكان فعل ذلك، بدرس ورصد منشأ هذه الموجات ومواقع تزويدها بالشحن الترابية. أعلم ان بعضاً منها يأتي من
وراء الحدود ويمر ببلدان. لكن، لدي أمل وتطلع إلى أنه بالإمكان فعل شيء.
والاقتراح مقدم لرئاسة الأرصاد وحماية البيئة، اعتقد أن بإمكانها فعل الكثير، وهي المعنية بالرصد والبيئة، وبيئتنا غبارية لم نحاول المحاولات الجسورة لتغيير واقعها الترابي، ويمكن استثمار طاقات الشباب في التشجير بعد اختيار المواقع المناسبة، ومعرفة خطوط حركة هذه الموجات، قد يبدو هذا حلماً صعب التحقيق، لكنني أجزم بأننا لو خففنا موجات الغبار بأي نسبة كانت لحققنا أرباحاً كبيرة منظورة وغير منظورة، أقلها تخفيف عناء الصدور الضعيفة.
وعندما زرت معرض الابتكار السعودي تمنيت أن أجد مخترعاً اهتمّ بقضية الغبار، ليخترع لنا جهازاً أو آلة تحوّل الغبار إلى ضباب أو تأكله وتريحنا.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.