أشجار موقتة

شعار أسبوع الشجرة يقول إنها «تراث وحضارة»، فما علاقة الشجرة بالحضارة والتراث؟ الحقيقة أن هذا الشعار أدهشني!
دعونا «نتغصب» الشعار، لنأخذ التراث ونرى ماذا حصل للنخلة التي اقتلعت من شوارع وميادين بالمئات، هذا شاهد على تعاملنا مع النخلة وهي إرثنا، وعمتنا التي يجب أن تكرم، الأصيلة في بلادنا المباركة من الخالق، أحبها الآباء والأجداد وتعاملوا معها بعشق ورعاية، هي بالنسبة إليهم مثل ابن وابنة، لا تراث يهتم به موسمياً، ويتفاخر به أمام الزوار.
أما «حضارة»، فنعلم أن المجتمعات المتحضرة تحافظ على الشجرة فلا تخضعها للتجارب الإدارية السريعة الذوبان، عندما يضطرون لاقتلاع شجرة يحافظون عليها كما يحافظ على المصاب في حادثة، تقتلع بعد أن يجهز مكان آخر لغرسها، تنتزع بلطف محمية بكامل تربتها، أما ما رأيناه في بعض ميادين العاصمة فلا يشير إلى محبة للشجرة أو معرفة بدورها، يتعامل معها مثل أشجار بلاستيكية مسدحة، الحضارة تكون بأسلوب التعامل وإلا لكانت الغابات الماطرة في الأمازون وسومطرة هي قمة الحضارة، مع أن الإنسان لا دور له فيها اللهم إلا في كف شرّه عنها.
كل شجرة هي خلية نابضة مسخّرة للحياة في رئة الأرض، مهما كانت صغيرة أو تم اتهامها بآثار جانبية، والأصل أن تبقى ويزداد عددها. كنا على أمل بزيادة الوعي اهتماماً بشجر الصحراء الفقيرة، اتهمنا البسطاء
والمحتطبين بقلة الوعي ممن يجدون من العيب أن تطفأ النار، فماذا فعل أهل الاختصاص؟
كل شجرة هي جزء من فلتـــر ينظف الهواء، تخفف الغبار، وتحارب التلوث، وتثبت التربة ولها ادوار متشعبة. كان المزارع في نجد يزرع أشجار «الأثل والسدر» حول مزرعته الصغيرة لصد الرياح والأتربة، وفي الأحساء مشروع نجح ولم يبنَ عليه لصد الرمال، وطالبت هنا بمشروع لتخفيف الغبار وما زلت موقناً بإمكان ذلك، متى توافر العزم.
الأمانة، «بشرتنا» في أسبوع الشجرة عن عزم على زراعة نصف مليون شجرة… جديدة، يا ترى هل حدد عمر افتراضي لها؟ هل ستتم حمايتها من تجربة إدارية أخرى تقتلعها كما نزعت أخوات لها؟ بل هل لدينا استراتيجية تشجير واضحة المعالم تنفذ مهما اختلفت الإدارات وتحافظ على جهود وأموال ومياه صرفت على مدى سنين؟ هناك تجربة رائدة في التشجير للهيئة العليا لمدينة الرياض، تجدها باسقة بظلالها في بعض المواقع التي أشرفت عليها، لماذا لا توضع استراتيجية مثيلة تقوم عليها الهيئة مع مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والزراعة وتنفذها الأمانة والبلديات. ومع إعلان لعزم على زراعة نصف مليون شجرة لا بد من أن «الحسوفة» أصابت الأمانة بعد اقتلاع أشجار معمرة كلفت الكثير، وبقاء مواقعها أكوام تراب.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليق واحد على أشجار موقتة

  1. ابوراكان كتب:

    الشعار اصله((لاتراث ولاثقافه))
    انت عارف كل مدير وتعليماته،يعني لازم ابرز لو بالقوه

التعليقات مغلقة.