يعتقد مدير شرطة العاصمة المقدسة أن نشر أخبار الجرائم التي تقع في مكة المكرمة يعطي صورة سيئة عن أم القرى وأهلها!؟ وفي رسالة طويلة عجيبة نشرتها “الرياض” على صفحتها الأخيرة يوم الاثنين الماضي، قال مدير الشرطة، “ما نراه مكتوبا على صفحات الجرائد من أخبار الجريمة في بلدالله الآمن بما ينشر عن اكتشاف شبكة للدعارة والرذيلة أو المخدرات او عصابات السرقة او جرائم القتل ناشئة عن هذا الخليط العجيب من الوافدين الذين لا تضبط سلوكياتهم قيم الإسلام مما يعطي صورة سيئة وسلبية عن مكة وأهلها” ويضيف إلى ما سبق قائلا:” فهناك بعض المراسلين ممن يحرص على تصوير الضحايا أو المتهمين أو الشهود ويتم نشر صورهم في الجريدة الأمر الذي يُعدّ تشهيراً لمتهم لم تثبت إدانته بعد”، ويتابع بقوله:
” كما أن ورود هذه الأخبار في صحافتنا يجعلها مصدرا مهما لكثير من الصحف العالمية والتي تستغلها للإساءة والتشويه بما تنشره مما يسيء لقدسية مكة وأهلها!!” ويختم رسالته بقوله “ونحن على ثقة بإدراككم لما هو سلبي وإيجابي للتحذير والحث بالاستقامة والتعاون الأمني مما يجنب هذا المجتمع وأهله العثرات ويظهرهم بالمظهر اللائق ويرتقي بسلوكيات مواطنينا وأهلينا، ويرشد الوافدين إليه” انتهى.
أوّلا أنا مع مدير الشرطة في جزئية واحدة فقط مما ورد في الرسالة، وهي عدم نشر صور المتهمين حتى تثبت إدانتهم، لكننا أيضا نريد من الشرطة في كل شبر من بلادنا أن تتعامل مع المتهم الذي لم تثبت إدانته بعد، تعاملها مع البريء، ومثلما أرفض نشر صور المتهمين، أرفض كذلك نشر صور جثث رجال الدفاع المدني الذين توفوا وهم على رأس العمل مثلما يفعل مدير الدفاع المدني بين فترة وأخرى، لأن للموتى حرمة مثلما للمتهم حرمة.
أما ما تبقى من مطالبة مدير شرطة مكة المكرمة فهو دعوة للعودة إلى الوراء سنوات طوال، ولست أرى تعارضا بين قدسية مكة المكرمة ونشر ما يحدث فيها من جرائم، بل إن النشر هو أمر واجب فيه تنبيه وتحذير وتوعية للناس وافدين أو مواطنين.
إن نشر أخبار خطف الأطفال في مواسم العمرة والحج يدفع الناس للحذر والحرص على أطفالهم، كما أن نشر أخبار السرقات في الطواف ورمي الجمرات يجعل الناس أكثر حيطة على أموالهم، ونشر أخبار جرائم القتل وعصابات المتسولين والنشالين يساعد رجال الأمن، فهو الذي “يرتقي بسلوكيات المواطنين ويرشد الوافدين” لقد أدى التعتيم على ظاهرة سرقة السيارات في مدن المملكة الى تفشيها حتى أصبحت غير ذات بال رغم انها الطريق لجرائم أكبر، ومثلها المخدرات والكلونيا وغيرها.
وكأن مدير الشرطة في دعوته يقول: إلى الوراء در!، والترغيب بعدم النشر بحجة التأثير على قدسية مكة المكرمة ليس له مكان من الإعراب، فإذا كان هذا ما يحصل فلا بد أن يعلمه الناس، بدلا من توقعهم أنهم يقدمون إلى المدينة الفاضلة!! هذا حفاظا على أرواحهم وممتلكاتهم وحتى لا يتقاطروا جماعات على مخافر الشرطة، والتعذر باستغلال الصحافة العالمية لما ينشر في الصحف المحلية ليس له معنى ففي اي عصر نحن؟! فهل يريد العميد أن نسمع هذه الأخبار من الدكاكين الفضائية!، إذا كان هناك مشكلة أمنية في مكة المكرمة أو غيرها من مدن بلادنا فهي مسؤولية الأجهزة المعنية بالامن أولاً وأخيراً، ودليل على قصور في عملها، والتعتيم سيزيد الأمر سوءا والتستر والنفي يجعله يستفحل، وبدلا من دعوة العودة إلى الوراء هذه، على الشرطة أن تتعاون مع الصحافة وتقدم لها الأخبار الموثقة في وقتها، أقول في وقتها، ثم لاننسى أن مهمة الشرطة الأولى هي ضبط السلوكيات وليس عذراً في عدم الضبط..” هذا الخليط العجيب من الوافدين”!!.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط