كيف نستفيد من المبادرة الإماراتية؟

بكل المقاييس مبادرة الشيخ زايد تعتبر تاريخية، واذا كانت دولة الإمارات تولت بشجاعة ادبية طرحها فإن على دول مجلس التعاون ان تتمسك بها وتحاول تسويقها للحصول على اكبر دعم لها، في كل الاحوال لن يكون هناك خسارة من هذا الجهد، فهو جهد يحمل حلاً معقولاً وممكناً وليس تمنيات، مثل ما صدر عن قمة شرم الشيخ من رفض لضرب العراق لن يتعدى حدود القول، وللذين يرون ان فيه سابقة وتدخلاً في الشأن الداخلي العراقي نقول ان هذا الشأن لم يعد داخلياً بل تعدى ليصبح دولياً.
ولأن دول مجلس التعاون هي الدول الاكثر تضرراَ من الحرب المتوقعة بعد العراق، ولأن هناك إجماعاً على انتهاء صلاحية النظام العراقي منذ زمن بعيد جداً، ولان الحجة الامريكية البريطانية لدق طبول الحرب تركز على مسلك النظام العراقي، فان هذه المبادرة تقلب الطاولة وتقدم معطيات جديدة للازمة، كما انها تتيح فرصة للدول الكبرى المعارضة للحرب للمناورة وهو ما يعود علينا بالنفع.
مبادرة الشيخ زايد نظرياً تجعل الكل راضياً الطرف الاقل رضى هو المتسبب بكل ما يحدث وحدث من عام 1990،
أهم بنود المبادرة انه يبعد شبح الحرب ويعطي- وهذا مهم جداً- للجامعة العربية الدور في ادارة العراق بعد نظام صدام، وهنا هي تنزع من امريكا ورفيقتها الحجة لاستعمار العراق لمدة غير معلومة، وتقطع الطريق عليهما لتجربة اسلحة جديدة وتجهيز جيوشهما بتدريبات حية ميدانها أجساد وخيرات الشعب العراقي، الذي عانى ما يكفي من الحرب.
ودول مجلس التعاون ليست بحاجة لإجماع عربي على هذه المبادرة، والاكثر عملية وجرأة ان يتم إقناع دول مثل فرنسا وألمانيا وروسيا والصين بها، فاذا أمكن تبنيها من بعض أعضاء مجلس الامن تم قطع الطريق على العدوان الامريكي البريطاني، وليس هناك من فائدة في عرض المبادرة على النظام العراقي حتى تصبح مطلباً دولياً لنزع فتيل الازمة، وبعد ان تعلن الولايات المتحدة الأمريكية انها ستسحب قواتها اذا ما غادر صدام حسين السلطة،
بالطبع القضية ليست بهذا البساطة لكن لو تم اتخاذ هذا الاسلوب في المعالجة لربما تعرت سياسة الولايات المتحدة وبريطانيا اكثر مما هي الآن امام الرأي العام الداخلي في واشنطن ولندن، لان ادارة بوش لن تقبل، فالثمرة التي تنتظر سقوطها لن تأتي الا بالحرب. لكن ليس لدول مجلس التعاون من خيار، ولسنا معنيين بدفع فواتير كل المغامرين من صدام الى بوش.
مبادرة الشيخ زايد طريق تربح معه كل دول المنطقة ما عدا اسرائيل وحلفاءها في الغرب، فهل يتم التركيز عليها، لعل وعسى.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.