الخليج أو المأكول المذموم

لعلها من المرات النادرة التي يصدر فيها بيان من المجلس الوزاري الخليجي (دول مجلس التعاون)، ينتقد فيه وزارة الخارجية الأميركية ويدعوها لمراجعة سياستها غير الودية تجاه دول المجلس. وللتوضيح أسرد ما جاء في البيان الختامي للاجتماع الأخير للمجلس: «وعبّر المجلس عن أسفه الشديد لما احتواه التقرير الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية لعام 2008 حول الاتجار بالبشر من معلومات مغلوطة وغير صحيحة عن دول مجلس التعاون، والتي تهدف إلى ممارسة ضغوط غير مبررة لأهداف سياسية، ودعا المجلس وزارة الخارجية الأميركية إلى مراجعة سياســــاتها غير الـــودية تجاه دول المجلس». (انتهى)
الانتقاد والمــــطالبة بمراجعة السياسة غير الودية للخارجية الأميركـــية تجاه دول المجلس ارتبط، في البيان، باتهامات مغــــــلوطة حول قضية الاتجار بالبشر، وعزاه إلى دوافع سياسية للخارجية الأميركية.
والاتجار بالبشر قديم، وهو صعد إلى السطح بزخم أقوى وكثافة أكبر بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، تحررت دول أوروبا الشرقية من الهيمنة الشيوعية، بعد عقود من الحرمان في السجن الكبير، وتطلع سكان هذه الدول إلى الخارج لتحسين أوضاعهم الاقتصادية، واستقبلت الأسواق الأوروبية والأميركية عمالة رخيصة، ولا تنسى الأخبار عن تلك الهجرة والتهجير وحاويات تغصُّ بالفتيات المهربات تخترق الحدود للعمل، قَســـْراً، في الدعارة وعلب الليل. المعنى أنها ظاهرة عالمية تقودها عصابات دولية منظمة، وهي تستهدف المواقع الأكثر نمواً، بحثاً عن المال، لكن بعض وسائل الإعلام العربية يتبنى غالباً النهج الهجومي الدعائي الأميركي إذا ما كان المستهدف عربياً… ويفضّل أن يكون خليجياً، ولا تتحرج من التعميم لنموذج وقع في دبي، من ذلك على سبيل المثال، موقع «الأسواق العربية» الذي اختار لخبر «رويترز» عن الاتجار بالبشر العنوان التالي: «الاتجار بالبشر وصمة عار تواكب الطفرة في دول الخليج»؟
ليست المرة الأولى التي تستخدم فيها ذرائع «نبيلة الظاهر» لممارسة ضغوط لأهداف سياسية أو اقتصادية، بل وحتى عسكرية استعمارية، ومثال العراق حاضر، حيث كان الدرع الدعائي الهجومي هو حقوق الإنسان والديموقراطية وأسلحة الدمار الشامل، فكانت النتيجة واقعاً «مخزياً» في العراق الآن، وما سيتمخض عنه من «اتفاق إذعان واستعمار» إلى أجل غير مسمّى، إذا لم توقعها الحكومة العراقية فربما بحكم الواقع تخضع لمثيلة لها «ميدانياً» مع إيران.
إن ظلم الإنسان لأخيه الإنسان واستغلال ضعفه أو فقره وحاجته جريمة نكراء، ومنها الاتجار بالبشر، مواجهة ذلك لا ينبغي أن تغمض أعيننا عن حقيقة الاتجار بالقيم والمبادئ الحميدة الذي تمارسه الخارجية الأميركية لأغراض سياسية واقتصادية ومنها «حلب» دول الخليج.

 

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليقان على الخليج أو المأكول المذموم

  1. ايمن السرحاني كتب:

    الحمدلله ونطق اخيرن مجلس التعاون مخطي يامجلس التعاون فردت فعلك في غير محلها

    فالخادمات اكبر دليل علي الاتجار بالبشر في دول مجلس التعاون….

  2. فيصل الفهيـــــــــد كتب:

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
    أخي العزيز أبو أحمد
    الحمد لله علي نعمة التي لا تحصى .
    من هذا النعم أن يكون للعبد المسلم خادم يقوم بخدمتة .
    ولسنا لله الحمد من الدول التي تتاجر بحرمة الإنسان كالدول الكفرية وعلي رأسها أمريكا عليهم من الله لعنة .
    والتي تتاجر بالأطفال والنساء والسود .
    وتقوم بإستغلالهم بأعمال التسول وبيوت الدعارة .
    كل ذلك من أجل المادة .
    وما تقوم به هذه الدول الكفرية بالدول الإسلامية هو أكبر دليل علي إنتهاك حق الإنسان من تشريد وقتل وإغتصاب للنساء والأراضي .
    وأكبر الأدلة ماقامت به كلاب بني صهيون داخل الأراضي الفلسطينية .
    ولسنا بحاجة لدفاع عن حق من حقوقنا المسلوبة .
    بالرد والشجب والإنكار علي أي خطاب يصدر من تلك الدول .
    اللهم أعز الإسلام والمسلمين اللهم أعز الإسلام والمسلمين اللهم أعز الإسلام والمسلمين .
    آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآميــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن .

التعليقات مغلقة.