الغربان البيض

صديقي وصف السفير الأميركي السابق في هيئة الأمم المتحدة جون بولتون بالغراب الأبيض، بعدما ظهر في قناة «العربية» جازماً أن الحرب قادمة ضد إيران. الغراب نذير شؤم وخراب ديار. والبياض هو بياض الظاهر، أما الباطن فشر محض.
وبولتون انتهى مع رئيسه إلى زبالة التاريخ، فلماذا يحصل على إنعاش اعلامي وترميم لما تبقى من عظامه المتشبعة بكره العرب والمسلمين؟ وهو من مجموعة كريهة الفعل والرائحة لها من النيات الخبيثة والطموحات غير المشروعة قائمة طويلة، منها ما استطاعت ان تحققه في العراق وفلسطين وأفغانستان، وجرّت العالم بعد اختطافها للسياسة الأميركية إلى ما وصل إليه الآن من تردًّ زاد الأزمات والفقر والجوع.
وأميركا الآن في حال اقتصادية موجعة أشغلتها عن العالم، اللهم إلا من نفخ في الرماد ينشط بأحاديث وتصريحات، مثل ما قال الغراب الابيض في مقابلته تلك. الواقع المشهود يقرر أنه لم يتقوَّ عظم إيران الراغبة في الهيمنة والتمدد إلا بفعل السياسة الأميركية في افغانستان والعراق وفلسطين، فإلى متى يستمر الضحك علينا؟!
وقائمة الذين استمرأوا الضحك السياسي على العرب والمسلمين طويلة. الذين صدّقوا وعود جورج بوش الابن بحل نهائي للقضية الفلسطينية وقيام دولتين، كانوا يحلمون حلماً لذيذاً، أما الذين روّجوا لهذا الحلم فكانوا يقومون بالواجب، الآن هم – جميعاً – يعيشون الأيام الأخيرة لبوش مع أحوال أسوأ من ذي قبل، وهم يقفون إن استطاعوا على رجل واحدة، بل على اصابع تلك الوحيدة، كل تلك الجولات والزيارات المكوكية للساسة الاميركان وتصريحات عن الحل الموعود واجتماعات… تطايرت في الهواء كالغبار، وإذا بحثت عن فعل حقيقي في كل ذاك لن تجد، لم تكن هناك نيات حقيقية، ولا رغبة، لكنها جرعات مخدرة يتم من خلالها تحقيق مكاسب مرحلية متنوعة.
إذا لم تكن هناك نيات حقيقية راسخة فلن تتبلور إرادة للقيام بما يجب، وهو إجبار إسرائيل على التنازل.
وفي قائمة «الضاحكين» السياسيين على العرب والمسلمين يبرز رئيس وزراء بريطانيا السابق توني بلير. باقتراح من حليفه الأكبر جورج بوش الابن، كوفئ بعد أن لفظته السياسة البريطانية بتمثيل اللجنة الرباعية في الشرق الأوسط أو «الأدنى»! بحسب الصيغة الغربية، فماذا فعل؟ لا شيء على الاطلاق، بل استطاع خلال هذه الفترة أن يحقق ثروة طائلة من المحاضرات، خلال عام واحد جمع من الاموال ما لم يحققه طوال ثلاثة عقود من العمل، كأنه تم تفريغه لها!
قائمة هؤلاء الضاحكين طويلة، إلا ان أطولهم عمراً وضحكاً هو رئيس إسرائيل الحالي شمعون بيريز، الذي خرج علينا أخيراً بتصريح يقبل فيه المبادرة العربية بشروط! وكأنه بقي له من الأمر شيء؟ لكنها عادة الضحك السياسي، قد علم ان تأثيرها مستمر، فلمَ لا يستخدمها حتى الرمق الأخير؟