تهاني الوزراء الجدد.. والقدامى!

رغم قدرة المطربة اللبنانية صباح على مواجهة عوامل التعرية، وعيون وألسنة البشر، إلا أن لها أغنية شهيرة تنبه فيها الناس صائحة “ياناس الدنيا دولاب” وتصل إلى الحكمة “فتشحر” لأنها شحرورة، قائلة: “في الطلعة كثروا الأحباب وفي النزلة كلن هربوا”.
على كثرة اعلانات التهاني للوزراء الجدد لم أطلع على إعلان شكر لوزير خرج من وزارته، وهو ما يجب أن يفكر فيها الوزراء الجدد ممن جاء جديدا أو ممن مدد له، وليتني كنت شاعرا لأفضح هذا النفاق المصالحي الفاضح الموجه لمن صعد للسلم الوظيفي، أغلب الإعلانات من رجال أعمال، أصحاب شركات لها علاقة مصلحية مباشرة مع هذه الوزارة أو تلك، طامحا إلى بناء علاقة “متينة أو سمينة” مع الوزير الجديد، لابد أن رجال أعمال استفادوا من الوزراء الذين خرجوا من الوزارة، أين إعلانات هؤلاء ياترى؟ في الحقيقة أنه لم يعد لها جدوى اقتصادية والتكلفة أكثر بكثير من العائد المتوقع، لا بل قد يكون هناك عائد سالب، وما يمدح السوق إلامن ربح فيه.
لو كان الأمر بيدي لمنعت هذه الاعلانات إنها تضعف نظر الوزراء والمسؤولين فلا يعود ثاقباً ، وهي تهدف إلى التأثيرعلى بصيرتهم ، وجعلهم يخجلون فبدلا من “تدسيم الشوارب” خرج علينا هؤلاء “بتدسيم” العيون بالصور الكبيرة وعبارات التهنئة، لماذا لا يرسل مثل هؤلاء المعلنين خطابات تهنئة أو يخطفوا أرجلهم إلى الوزراء في منازلهم أو مكاتبهم؟.. أرخص وأكثر أثرا وأستر أيضا، لماذا تراجع الحياء إلى هذه الدرجة، صار المعلن يضع أسماء الشركات والعقود التي يديرها، ليتني كنت شاعرا!
المشكلة أن غالبية الشعراء لا تجيد هذا اللون أو لا تحبذه… العائد هنا ايضا منخفض جدا!، وقبل صاحبة الإصرار المطربة صباح، قال شاعرنا الشعبي القديم شعرا لا يمل:
(أصحابك اللي عدهم في الرخا قوم
أصحاب من دامت نعيمه وداما
إذا أدبرت دنياك عدوك معدوم
مروك ماردوا عليك السلاما).
اذا أدبرت لا سلام ولا إعلان ولا إشادة، والهاتف يصبح باردا بلا حرارة، والوزراء الخارجون يتم التعامل معهم وكأن هناك غضبا قد حل بهم، ما عاد لهم طاري، بل قد يتشفى بهم البعض فيهدي لهم مطلع أغنية.. من اللي جاب لك طاري”.. وبعد الأضواء يحاولون التكيف مع الظل، والذي يوطد نفسه على حال الدنيا وأنها، لو دامت لغيرك ما وصلت إليك لا يفاجأ، لكن الوزراء السابقين يمكن أن يكونوا أكثر نفعا الآن، لو امتلكوا شيئا من الجرأة والشجاعة الأدبية مضافا إليها مقدار كبير من الشفافية، وتحدثوا بل كتبوا، بصدق، عن تجربتهم مع المنصب والناس، وأجابوا على سؤال لماذا لم يتمكنوا من تحقيق هذا الهدف أو ذاك، ومن نافقهم ثم “طقهم ركبة” وأي “الركب” كانت أقسى وأكثر ألما، وظهر من أدير لهم، ولسان من تغير وانقلب رأسا على عقب، هل يستطيعون؟.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.