«مادوفهم ومادوفاتنا»

لا يمكن حصر قيمة الأموال التي جمعتها شركات ومؤسسات توظيف الأموال الوهمية. نحن حتى الآن في الألف باء… ومثلها عدد الضحايا وخسائر الاقتصاد، لكنها في النتائج لا تختلف كثيراً عن شركات مسجلة رسمياً حققت خسائر فادحة أو تبخرت على يد القابضين على أمورها أموال المساهمين… والمكتتبين، صناعية كانت أو مالية.
في جدة وأثناء محاكمة هامور «سوا» وشركائه أغمي على أحد المتهمين عندما شاهد بأم عينه كبيرهم الذي علمهم جمع الأموال، المغمى عليه كان مجرد «مرافق» للهامور لم يتسلم أموالاً من المساهمين – كما قالت «عكاظ» – لكنه في ما يبدو لم يصدق أن «المعزب» يقف هذا الموقف، والمرافقة جزء من عدة النصب مثلها مثل «البانوراما» والقدرة على الاستعراض الهذري، أحياناً أعتقد أن عدم الاهتمام بالتمثيل والفن والدراما في مجتمعنا دفع بكثير من «الموهوبين» في التمثيل والتقليد وتلبس الشخصيات إلى صرف طاقات «مواهبهم» داخل المجتمع!
للباحث عن التفسير السهل يمكن اتهام المتورطين في مساهمة سوا – على سبيل المثال – بقلة الوعي، لكن إذا أردت أن تكون منصفاً لا بد من بحث عن الجذور والبيئة الخصبة، الاختناق والفوضى التي صاحبت بطاقات «سوا» عند طرحها… لتتحول إلى تجارة، والصمت الطويل عنها… وهو ما يذكر بالمسؤولية الاجتماعية.
وإذا كانت تُجرى الآن تحقيقات ومحاكمات لبعض أصحاب شركات توظيف الأموال «الوهمية»، فهي لم تحصل إلا بسبب عدم استمرار دفعهم للأرباح الموعودة… وتداعي المساهمين عليهم دفعة واحدة، بعدما صار عدد الخارجين أكثر من الداخلين، بما لم يوفر عدد «طواقي» يتناسب مع عدد الرؤوس، أو لأن المستثمر – تجاوزاً – أصابه الملل وقرر أن ما لديه كاف للمستقبل فعض على ثوبه.
لكنا ما بالنا لا نسمع عن تحقيقات لما جرى في شركات مسجلة رسمياً أسهمها تتداول، أي غير وهمية، من خسائر وإخفاقات ودخول في صفقات اتضح أنها خاسرة أوصلتها إلى «دحديرة».
والعجيب أن بعض هذه الشركات تمتلك فيها الدولة نسبة مهمة… صناعية كانت أو مالية، بما يعني أنها مال عام، وأخرى «ضفت» علاوات الإصدارات ورسوم الاكتتابات ثم أصبحنا نسمع عنها وعن القائمين عليها أموراً لا تسر عدواً ولا صديقاً. ولو تم الفحص والتدقيق لعرفنا كم لدينا من مادوف؟
وإذا كان الأميركي مادوف أصبح نموذجاً يشار له بالبنان في حجم النصب الخمسة نجوم، وتلبيس الطواقي، وقدرته على الاستمرار ليصل إلى 65 بليون دولار، فإنه الآن في يد القانون، وقصته مع الحوادث الأخرى لبنوك وشركات مالية في أميركا كشفت تواطؤاً أو إهمالاً و «تعشيت» على أموال المساهمين من موظفيها الكبار، لكنها أنتجت هناك قوانين جديدة للحد من حدوث ذلك مستقبلاً، أقلها تقنين مكافآت كبار الموظفين ومزيد من الرقابة، أما لدينا فلم يحدث شيء من هذا… ولا حتى تغيير مجلس إدارة لشركة واحدة؟

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليق واحد على «مادوفهم ومادوفاتنا»

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الكريم مزيدا من الرقابة لن تجدي مادام ان الانظمة المعمول بها اساسا غير مجدية وغير فعالة لن تصدق ابدا ان اشرت لسعادتكم ان مؤسسات الطوافة منحت نعم (منحـــــــت)
    صلاحية اختيار المكتب القانوني او المحاسب القانوني ليقوم جزاه
    الله خيرا بمراجعة الحسابات والميزانيات الخاصة بتلك المؤسسات
    وهذا المحاسب لايظهر الا في يوم الجمعية العمومية ليقول للمساهمين كله تمام ياافندم!!!!!!!!!!!!!!!!!!

التعليقات مغلقة.