راية «الشورى» الحمراء

لم أكن أعلم أن لدى مجلس الشورى رايات حمراً يستطيع رفعها إلا بعد تصريح رئيس لجنة الصحة والبيئة فيه، الدكتور محمد الشريف الذي قال: «إن هناك إشكالات تفوق تصوّر الجميع في القطاع الصحي»، مؤكداً أن «لجنة المجلس سترفع الراية الحمراء في وجه أي تقصير من أي جهة تحت إشرافها».
لم يحدد الدكتور حجم الراية ودرجة لون الاحمرار فيها، ولماذا أخفيت كل تلك الفترة فلم ترفع في وجه «الإشكالات التي تفوق تصوّر الجميع»، والحقيقة أني لم استوعب أن لجان الشورى «تشرف» على الجهات، الإشراف يعني تحمّل مسؤولية التقصير وربما دور فيه.
إلا أني التفت إلى الشجاعة الأدبية لرئيس اللجنة الشورية في ذكره أن الإشكالات تفوق تصور الجميع.
بحسب علمي لا يملك مجلس الشورى رايات حمراً ولا يستطيع فعل شيء لمواجهة أي تقصير، اللهم إلا التوصية أو تصريحات صحافية شجاعة من بعض قليل من أعضائه بين فترة وأخرى، لكن، تخيل لو كان كل أو معظم أعضاء مجلس الشورى يصرّحون «على الوزنية نفسها» لربما أحدث هذا واقعاً آخر.
ولنحاول بإيجاز الإسهام في طرح «مسودة» لخريطة إصلاح القطاع الصحي، المجلس من خلال اللجنة، معني بمعرفة ما تعانيه وزارة الصحة… أي وجهة نظرها للإشكالات التي تفوق تصور الجميع، هذا أولاً، ثم مقابلة ذلك مع جهات أخرى معنية أيضاً مثل المالية ووزارة الخدمة المدنية، وأنصح بطلب حضور كبار التنفيذيين من الوكلاء لا الوزراء المشغولين في العادة، ليجلس التنفيذيون الكبار القريبون من الإشكالات التي تفوق تصور الجميع مع بعضهم بعضاً داخل المجلس، وما الذي يمنع بدلاً من التخاطب عن طريق الصحافة الذي لم يقدم شيئاً لتحسين الخدمات.
ثم إن المجلس معني أيضاً بإقناع وزارة الصحة بالتخفيف من هذا العدد الكبير من الأطباء الذين تحوّلوا إلى إداريين في مختلف المستويات، في الوقت الذي تشتكي هي من نقص الأطباء، وليطرح سؤالاً هل نجح الأطباء كإداريين أم أن بعضهم نسي الطب ولم يحسن الإدارة؟ والمجلس معني أيضاً بمعالجة رواتب الأطباء وتحسينها، ومحاولة حل الإشكال الذي عطّل المشروع إن كانت فيه فائدة تنعكس على تحسّن الخدمات.
ثم عليه أن يعرج على مستويات القطاع الطبي الخاص وأسعاره الفلكية واهتباله فرصة تراجع الخدمات الصحية الحكومية.
الإشكالات تفوق تصوّر الجميع، هذه حقيقة نعرفها منذ سنين، ولامسها المواطن والمقيم عند الحاجة إلى سرير أو طوارئ، وعندما تأتي لحظة الحاجة يخجل الإنسان من نفسه وهو يستدعي كل من يعرف ومن لا يعرف لإنقاذ مريض، حتى المستشفيات الخاصة أصبحت تنتقي وتفرز الحالات، تقبل وترفض بهدوء و «استثمارية»، مع أن الدفع «كاش».

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليق واحد على راية «الشورى» الحمراء

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي هل سيأتي يوما ما مجلس الشورى يوصي باقالة وزير !!

التعليقات مغلقة.