بعد مقال أحلام الفضائيات اتصل بي صديق ليروي لي حلماً أقرب إلى الكابوس، متوهماً فيما يظهر أنني ما كتبت عن تفسير الأحلام إلاّ عن علم بالتعبير، قال أنه مجبر على السفر إلى الولايات المتحدة ليرافق مريضاً كبيراً في السن، لكنه متردد، وسبب تردده أنه ينتمي إلى قبيلة قيل أن أفراداً منها شاركوا في أحداث سبتمبر، إضافة إلى عدم إجادته هو ورفيقه للغة الإنجليزية وهو ما سيوقعه في كثير من المشاكل.
جلس أخونا ولنطلق عليه ” أبو محمد ” يفكر ثم غط في نوم عميق، وإذا به في الطائرة وهي تهبط بمطار نيويورك جالساً بجوار قريبه المريض، توقفت الطائرة وفجأة فتحت الأبواب، ودخلت قوة من مكتب التحقيقات الفيدرالية وقام أفراد منها بتفتيش الركاب، وزيادة في حب النظام ومساعدة لرجال الأمن أخذ كبير السن المريض جوازيهما وتوجه إلى أحد رجال الأمن وسلمهما إياه، تفحص الضابط وثائق السفر وسأل، بالإشارات طبعاً، عن صاحب الجواز الثاني أين هو؟ ما لكم بطول السالفة، فقد تم القبض عليه ووضع القيد في يديه ورجليه وسحب من صاحبنا كل متعلقاته الشخصية بما فيها هاتفه الجوال منقطعاً عن العالم “نلاحظ هنا نشوء مرض نفسي جديد يمكن تسميته فقدان الجوال”، المشهد الأخير لحلم أبي محمد أنه مستلق على الأرض بالبذلة البرتقالية العاكسة مثقل بالحديد في يديه ورجليه، يصعب عليه النوم وهو في “غوانت.. ناموا”، وعندما يستيقظ وجسده ينضح بالعرق يكتشف أنه لازال في جدة، فيحمد الله الحمد الذي يستحقه ولا يتردد في تمزيق تذاكر السفر.
لنعترف أن سمعة السعودي تعرضت لتشويه حاد منذ أحداث سبتمبر وظهور أسماء وصور سعوديين متهمين بالمشاركة في صدم البرجين وقتل سكانهما، ولنعترف أيضاً أن ذلك التشويه طال كل سعودي وكل ما اكتشف خلية للقاعدة أو جاء ذكرها زاد حجم التشويه، لكن ما ذنب الباقين من الشعب السعودي وأولئك الذين تتشابه أسماؤهم العائلية مع أسماء مشتبهين، وعلى سبيل المثال لم يؤدِّ ظهور كارلوس الفنزويلي إلى الإساءة لأبناء بلده في العالم، صحيح أن هناك تباينات عديدة إضافة إلى أن الفترة تختلف والعالم لم يعد هو العالم نفسه، لكن أمام حجم التشويه الكبير ذاك.. ماذا قمنا به من عمل وجهد لتحسين الصورة وحصر الاشتباه في العدد المحدود؟
إن الانتظار وعدم القيام بفعل واضح سيزيد من حجم التشويه خاصة وأن هناك جهات مستفيدة وأخرى حاقدة تقوم بالتغذية في كل فرصة سانحة، ومواجهة هذا التشويه ليس بالأمر السهل فهو يحتاج إلى رؤية بعيدة وعدة وعتاد وكفاءة في الإدارة والتنفيذ، وإلى أن يتم القيام بحملة منظمة لإصلاح ما فسد من الضروري أن يتم الوقوف مع أي مواطن يشتبه به في أي بلد إلى أن تثبت براءته، وأن تكون تلك الوقفة معلنة وظاهرة، ومنذ بدء الأحداث والسعوديون المتهمون كانوا مجرد أدوات كثيرة العدد هامشية الدور غرر بها لكن حجم الإصابة فيهم أكبر من غيرهم وكان الأثر السيئ على بلادنا وصورتنا في الخارج لا يمكن وصفه.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط