هل تسيء الظن بالآخرين!؟

“حذر فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد المطلق عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء من إساءة الظن بالناس واتهامهم وتفسير الأمور على هوى النفس وذلك مما يحصل في مواقع الإنترنت وما يسمى بالساحات.
وقال فضيلته بأن الإنسان إذا سمع أقوالهم أو قرأ كتاباتهم يجد انهم يتحدثون فيما لا يعرفونه ويدعون أنهم يعرفون نية الإنسان ومقاصده ويبنون على ذلك القدح والتحذير والاتهام بالكفر سواء كان هذا المتهم عالما أو حاكما”.
كان هذا جزءا من تصريح لفضيلة الشيخ نشرته جريدة الرياض في 3/14ودائما ما أجد في أسلوب الشيخ الفاضل عبدالله بن محمد المطلق حرصا على الرفق والسماحة وتبسطا مع ما يطرح عليه خصوصا في الاتصالات الهاتفية المباشرة من السائلين , وهو الأسلوب الذي ينتظره ويتوقعه الناس من العلماء, وفضيلته هنا يضع إصبعه على الجرح، سوء الظن أصبح هو الأصل للأسف لدى فئة غير قليلة, ما يبرز منه في الإنترنت ليس سوى مثال صغير ومحدود يجعلنا نستشف أن ما هو موجود في الواقع و العقول أكبر، وإذا كان سوء الظن وصل للعلماء والحكام فكيف بشرائح المجتمع الأخرى؟، مثل هذا المنطلق الخطير والمترصد، لا يسيطر عليه سوى الوسواس الخناس.
وإذا كنت أسيء الظن بك فإنني سأقوم بتفسير حركاتك وأقوالك وأحرف تكتبها على ما أعتقد وأجزم أنك تقصده، بل أنني سأركز على بعض كلماتك وحتى طريقتك في نطقها, سأنظر إلى ما أعتقد أنه بين السطور وأترك السطور لمن أرى أنهم مغفلون، واهما أنني من الفطنة والذكاء بحيث لا تغرر بي, فمن أنت لتغرر بي !؟، فقد حكمت عليك وانتهي الأمر, وأنا لست سوى بصدد جمع الأدلة الدامغة التي تدينك لدى الآخرين,ذلك الجمهور الذي أستمتع بردود فعله, أما لدي فأنت مدان منذ زمان!؟.
هكذا يفكر من يسيء الظن بالآخرين, ولو أنه حرف زاوية تفكير قليلا, وسلط ضوء عقله منطلقا من إحسان النية بمن حوله، لخرج بتصور آخر مغاير لذاك، أنظر إليه عندما يبرر أفعال من يتفق معه في الرؤى, كيف يستطيع تلمس مخارج وأعذار لم يرها سواه.
هذا المناخ هو المسيطر على مجتمعنا الآن للأسف، أقولها بحسرة, وهو مناخ مريض , لا تنفع معه المسكنات، وما يدور ,مما يسمى تجاوزا أنه حوار, في الإنترنت جزء يسير مما هو مسيطر على واقع الحال , لعل من حسنات الإنترنت والمنتديات أنها كشفت عن المستور في العقول، بصورة أفضل من أي استبيان للآراء، فهل نستفيد؟.
هذا المناخ هو أفضل وسط تعشعش فيه الميكروبات خصوصا المتعطشة للفوضى والخراب. إذا كنا نتفق أننا نعيش فتنة لازال الجزء الأكبر منها في حيز الأدمغة, وعشنا جزءاً عمليا منها في التفجيرات، فماذا أعددنا لمحاصرتها ومواجهتها!؟، هل سنكتفي بما ينشر في الصحف أو يبث متأخراً كالعادة المتأصلة في التلفزيون العزيز!؟، إذا اكتفينا بذلك فإننا نخطئ في حق أنفسنا ومجتمعنا ووطننا، لنبدأ بالأهم ثم المهم، وأعتقد أن على علمائنا ومشايخنا المسؤولية الكبرى في التصدي لهذا الأمر الذي لم يعد يحتمل التأخير، إن أول خطوة أراها ضرورية تتلخص في النقض الفكري لأصول الفكر التكفيري التي يستند عليها لإضفاء الشرعية على خطابه، ومن ثم يأتي بعد ذلك نقض فكر إساءة الظن من كل زواياه، هذا سيجعلنا نصل إلى واحة التسامح.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.