العلاج بالإعلام!

مثلما صرع بعضنا بصرعات العلاج بالماء والعلاج بعصير البرسيم، ووصل بعض، آخر خلال فترة ماضية إلى العلاج بزيت الفرامل، مثل ذلك الذي حدث في الماضي ويحدث في الحاضر، نترنح منذ مدة طويلة تحت وقع صرعة العلاج بالإعلام، ويعتمد هذا النوع من “العلاج” على الحرف “س”، حيث يضاف في أول كل تصريح، حتى تحول إلى حرف تسويف!.
العلاج بالإعلام مهم وضروري لكن دوره لا يتجاوز دور المسكنات، أو لنتجاوز ونقول الإسعافات الأولية، مطهر موضعي يوضع على الجرح مؤقتاً تمهيداً للعلاج الأساسي، والاعتماد عليه والركون إليه يحدث مضاعفات وتقيحات للجروح والإصابات إلى درجة خطيرة، ويقدم دعوات مجانية للفيروسات والجراثيم.
واستخدم العلاج بالإعلام في مجتمعنا بأكثر من أسلوب، الأول في حالة مواجهة القضايا المزمنة يتم الإحالة إلى “إجراء الدراسات العلمية الحديثة المتكاملة من كافة الوجوه والتي يقوم بها مختصون من كل التخصصات المتخصصة، وعلى أحدث ما توصلت إليه الدول المتقدمة”! الخ..، الأمثلة على هذا النوع أكثر من أن تذكر.
الأسلوب الثاني يقدم الجزء الذي يمكن أن يستثمر إعلاميا بأكبر قدر من التوهج مع أقل الأضرار!!، ويترك الجزء الأهم الذي يحد من تكرار المشكلة، مثال على ذلك مداهمات وزارة التجارة لمستودعات تجار الغش، مع التكتم عليهم.
لقد ركزت هنا على أسلوبين، رغم كثرة الأساليب، منها الإحالة إلى التطوير في المرحلة القادمة، مثال على ذلك التوقف عن معاقبة تجار الغش بحجة تطوير نظام الغش التجاري، وأعتقد أنهم لو نظموا الغش نفسه لكان أفضل!، أسلوب رابع ينفي مسؤولية التأخير عن جهته فيقول إن الملف تحت الدراسة!.
إذا أضيف إلى كل ذلك بطء مزمن في اتخاذ قرارات مهمة، علمنا لماذا تتزايد وتتوالد قضايانا الشائكة ولا نرى أثرا للحلول رغم كثرة الحديث عن الأخيرة.
وآتي هنا بمثال أستخدم إعلاميا حتى امتص رحيقه، وهو إنشاء هيئة أهلية مستقلة لحماية المستهلك، لابد أن ملفها عليه طوله من الغبار، يقبع في درج أو وراء خزنة ملفات، وكتبت كثيرا جدا، أن للتجار غرفاً تتجاوز الفنادق في حجمها وتتفوق على الوزارات في قوتها و تأثيرها، في حين ليس للمستهلك ولا صندقة أو غرفة فوق السطوح، وهذا ليس من العدل في شيء، وهو ليس في الصالح العام، ويؤثر على الاستقرار الاقتصادي وأمن المجتمع.
الأمثلة هنا نماذج فقط مع أهميتها، ويمكن للقارئ الكريم وضع ما يريد في الفراغ.
والخطر من الاستمراء في العلاج بالإعلام، أنه تحول إلى تخدير إعلامي، و لن يعود له تأثير مستقبلا، لأن الجرعة زادت على الحد الذي يتحمله المريض، ولم يعد “يكيف” معه، لهذا هو عرضة لجرعة أخرى، الله تعالى وحده يعلم أخطارها.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.