عشق المواقع والبوابات

«وأوضح أن الجامعة رصدت أكثر من 200 مليون للرقي ببوابتها الإلكترونية وتحديث خدماتها الجامعية، وهذا ما جعلها تقفز خطوات كبيرة في التصنيف العالمي للجامعات، لأنه يعتمد في شكل كبير على المواقع الإلكترونية للجامعات».
التصريح لمدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ومظاهر التطلع المتفاخر فيه واضحة. ذكر الأرقام الكبيرة دليل في بلادنا على الاهتمام، بل إن بعضهم يرى في ضخامة الأرقام دليلاً على الإنجاز، حتى وإن لم يُنجز شيء يلمسه المجتمع باستثناء التصريحات.
ومبلغ بالغ الضخامة مثل هذا، كبير جداً على موقع إلكتروني مهما كان هذا الموقع، حتى لو كان على عشرة شوارع وأطلق عليه بوابة أو بوابات «إنه أكثر من 200 مليون»، ولا أذكر أنه طرح في مناقصة، لكن إذا ربطت أول التصريح بآخره عرفت السبب، إنه صداع التصنيف العالمي للجامعات، ماراثون السباق للعالمية الإلكترونية… الريادة والأولوية… البريق، بحثاً عن لمعان «أكبر وأحدث وأول»… لمعان يأتي من الخارج لا الداخل، وعلى رغم أن مدير الجامعة قال في تصريحه إنها «رصدت» ولم يقل «صرفت» فإن النتيجة الجاهزة قوله «قفزت»! ربما يكون سبب القفز عدد الصفحات، فهي بمثابة السلم للصاعد، لكن الأولى أن نعرف ما هو العائد على الطالب وحضور الجامعة في ما يفيد مجتمعها، لم تُنشأ الجامعات لتحقق مراكز متقدمة في تصنيفات بل شيدت لأغراض أخرى.
وبودي أن أعلم كم عدد طلبة جامعة الإمام الذين يستخدمون موقعها الإلكتروني الآن لغرض التعليم، وما هي الخطط لدفعهم لمزيد من ذلك، كما أنه بودي معرفة نسبة استخدام الصفوف الأولى من المسؤولين في الجامعة للموقع ومدى «إلكترونية» معاملاتهم، خصوصاً ما يتعلق بشؤون الطلبة وأعضاء هيئة التدريس، وهل اعتمد التوقيع الإلكتروني واستغني عن الحبر السائل وقارورته العتيقة، الواقع أن التبرم والتذمر وتقديم العرائض، من داخل الجامعة، أصبحت أخبارها تنساب برسائل الجوال.
من الطريف أن الجامعة التي رصدت هذا المبلغ الضخم لموقع إلكتروني هي نفسها الجامعة التي رفضت تعويض طلاب تورطوا بسبب إعلان صادر منها في قضية دبلوم اللغة الإنكليزية الشهيرة، فاضطر الطلاب الضعفاء للجوء إلى القضاء وما زالوا ينتظرون تنفيذ حكم صادر لاستعادة حقوقهم مع سنوات عمر ضائعة، أكثر من 200 مليون.. لموقع إلكتروني، رقم كبير ننتظر – عملاً بمبدأ الشفافية – توضيحاً من وزارة التعليم العالي.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

3 تعليقات على عشق المواقع والبوابات

  1. محمد العمر كتب:

    ولله انا يبو احمد مانب ابخص عن اللي يدور في دهاليز الجامعه ولا لي علم بحساب الارقام
    لكن 200 مليون نقدر نبني فيها عشر جامعات ..! هذا اذا علمنا ان المشكله اللي يعاني منها المجتمع هي في القطاع الصحي والخدمات الطبيه ..! هذا غير ذكر ان قطاع التعليم ومخرجاته طلعت فاشله !! … والدليل كثرة المعاهد والمدارس المتخصصه واحتكار الاجانب لكثير من القطاعات الحيويه نساْل الله العافيه …!
    تحياتي لقلمك ,,,,

  2. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الحبيب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
    سلمت يمينك .. هذه هي الامور وامثالها الكثير التي يحاول المجتمع
    تفهمها ومن حقه ن يفهمها .. الجهات الرقابية من اللازم بل ومن الضروري ان تستيقظ .. لانشكك في ذمم الناس .. لكننا نحتاج الى
    توضيح الى فهم الى اقتناع .. لاتتركونا فريسة لمن يستغل قصور فهمنا ان كان هناك قصور اصلا .. لماذا هو الحال متروك للاجتهادات والاستنتاجات دائما مايذهب الاخرون الى الجانب المظلم لماذا هذا السبات العميق الذي تعيشه بعض اجهزة الرقابة
    مايحصل في الكثير من الاجهزة والمؤسسات التي يقال انها تشرف
    عليها الدولة اشبه بالمشهد الذي الفناه في سوق الخضار .. فقدان الثقة بات مسيطرا على المجتمع .. المشكلة اكبر مما نتخيل استاذي .. الموضوع تعدى مرحلة الانين الى مرحلة التقبل لاي افكار نحن في غنى عنها .. شكرا استاذي

  3. بدر السعود كتب:

    أثلجت صدورنا يا استاذ عبدالعزيز… ما أروع كلماتك… وقدرتك الإنسانية الكبيرة على تحجيم كل من تسول له نفسه ان يتلاعب بعقولنا وفهمنا.. اقذف جهلهم وعدم متابعتهم لما يدور حولهم، بحمم من حبر أسود… يسود وجوه كل معتد أثيم.. رائع قلمك.. أكثر من رائع

    الاستاذ الكبير كثيراً عبدالعزيز السويد نحن نعاني جهلاً يكاد ينحدر إلى مستوى – مُدقع -… نعاني ممن يسطحون بعقول اهلنا ومجتمعنا.. وهم ينشدون الشهرة و-مياهها الآسنة- على حساب سمعتهم التي تتلطخ بهذا – الأسن – وهم لا يشعرون… يا ويل من سَّطح بالعقول يبتغي عرض الدنيا…

    إياااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااك أن تكون أحدهم… اللهم إني بلغت – بكل أدب – اللهم فأشهد

التعليقات مغلقة.