«أوباما ليس بابا ولا ماما»

من مميزات الرئيس الأميركي أوباما الخفية والتي لم تلتفت لها وسائل الإعلام العربية كثيراً، اسمه الذي اشتهر به، إذ إن له، باللغة العربية، وقعاً وأثراً آسراً، فهو يجمع الحرف الأول من «بابا» والحرف الأول من «ماما»، في حين يعطي الجزء الأول من الاسم «او» انطباعاً بالدهشة. ويمكن تصوير ذلك بطفل رأى أحد والديه أو كليهما بعد غياب فانعقد لسانه وخلط بين البابا والماما.
اتضح أكثر مما هو معروف أن كثيراً منا نحن العرب لا يحتاجون إلا لخطاب يلهب العواطف، ولا ملامة على العامة، لأن أمة العرب تعودت على الخطابات فهي… الذخيرة، لأبنائها، للتطلع بأمل وتفاؤل إلى المستقبل الزاهر، اتضح أيضاً أن كثيراً منا لا يشاهدون من الفضائيات إلا ما يرغبون منها أو تلك التي يظهرون فيها. يمكن ضم هذا إلى ما يقال عن أن العرب لا يقرأون وإذا قرأوا لا يفهمون.
قبل أيام من إلقاء أوباما خطابه في القاهرة ظهر في لقاء تلفزيوني حرص فيه على التخفيف من اثر الخطاب المنتظر في إحداث تغيير حقيقي على أرض واقع التسوية، مع هذا حقق خـطاب الرئيس ما لم تحققه كل موازنات تحسين الصورة التي رصدتها الإدارة الأميركية السابقة، وهو ما لم تستطع فعله… أيضاً جهود سفراء تحسين الصورة ممن عينتهم إدارة بوش السيئة الذكر ثم استقالوا، أيضاً هو ما لم تتمكن من فعله قنوات فضائية وإذاعية وحزمة ممن يدور في فلكها.
هناك قرارات دولية، واضحة ومهمل تطبيقها، تخص قضية فلسطين، وهناك حزمة من اعتراضات الفيتو الذي استخدمته وما زالت حكومة الولايات المتحدة الأميركية لمصلحة إسرائيل، كل هذا غاب بخطاب.
وظف خطاب اوباما العشرات من العرب لخدمته إذ لامس غددهم العاطفية، في حين لم يقدم شيئاً سوى الكلام الطيب… فقط، لأنهم لم يتعودوا صدوره من إدارة أميركية، لكن الأمر عندما يأتي دور التنفيذيين ممن يرسمون السياسات ويفاوضون يختلف جذرياً، بعد اقل من أسبوع من خطاب اوباما العطر جاء موفده جورج ميتشل في جولة ليطالب الدول العربية «بخطوات ذات مغزى»… و»خطوات ملموسة»، كأنه يقول أعطيناكم خطاباً وننتظر خطوات، ويعلم ميتشل أكثر من غيره أن العرب تعثّرت بهم الخطى.
عندما يأتي وقت العمل تستمر مطالبة العرب بخطوات… «ساعدونا بالتنازل أكثر»، وصوت ميتشل وطلباته هي السياسة الحقيقية للإدارة الأميركية، لا خطاب العلاقات العامة الذي ألقاه الرئيس، ومن المهم ذكر تلك المراهنات التي انغمس فيها حتى بعض السياسيين الفلسطينيين عندما وعد بوش الابن بدولة فلسطينية قبل انتهاء ولايته، لابد من أن نتذكر ذلك العد التنازلي للوفاء بوعد تبخر، وعد في خطاب غرضه التسويف وهو لا يختلف كثيراً عن خطاب عاطفي أعادته إلى الواقع تصريحات ميتشل.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليقان على «أوباما ليس بابا ولا ماما»

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الحبيب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    اذا استجداءنا جائز مادام الموضوع دخل في بابا وماما وهما الوحيدين الذان كنا نستجديهما في الذهاب لائ مكان او في شراء اي لعبة او التنازل عن عقوبة موجهة لنا وهو بابا وهو ماما ..
    سلمت يابو احمد والله انها في الثمانيات على قولة سليمان العيسى ايام كان معلق ماهو الان الان احنا نعلق بدلا منه وشكرا ,,,,,

  2. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    يظل العرب أخي عبدالعزيز منجرفون خلف المنابر الرنانة

    وهذا الذي اتخذه اوباما بكل قوة وجراة ليؤثر في العرب

    شكرا لمقالك المميز ..

التعليقات مغلقة.