الحالة العراقية أمريكياً

الجدل حول الحالة العراقية يُختزل في أسئلة من نوع، هل حال العراق الآن أفضل من السابق أم لا؟، عصر صدام أم عصر بوش الابن، رغم أن العراق “معصور” في الحالتين.
بداية..، الحق الأول في الاجابة على السؤال للعراقيين وفي المقدمة من في الداخل منهم، هؤلاء هم من يستطيعون تقييم الفروقات بين الأفضل والأسوأ، ونرى ونسمع آراءهم في الفضائيات وتحقيقات الصحف، لكن مثل هذه الأسئلة تعتمد على الأمر الواقع مثل السياسات الخبيثة، وهي من نتاج ثنائية إن لم تكن معي فأنت ضدي.
لماذا..
لأنه كان للقوة العظمى الأمريكية خيارات أفضل من حالة الفوضى التي تعم العراق حالياً.. امكانات خيار ثالث ورابع، كانت متوفرة، وهو ما يجعل المتابع لا يصدق أن الولايات المتحدة تورطت في العراق وليس لديها الالمام الكافي بالمجتمع، وأنها فوجئت بواقع لم يخطر لها على بال، ولذلك هي تغوص في رماله الآن.
الجميع يعلم من هي أمريكا وكيف تتحرك، ويتذكر القنابل والأسلحة الذكية والإصابات الدقيقة، والاعتماد على العلم والتقنية، اضافة إلى امتلاك الحق والحقيقة ومشروع إصلاح العالم، لا يمكن لدولة تملك كل هذا أن تتورط بهذه البساطة، إذاً لماذا هذه الفوضى في العراق؟
لماذا هُدم وأُحرق كل شيء “توثيقي أساسي” تقريباً، هل هنا مخطط لإنشاء واقع جديد بالمرة ومن الأساس، واقع يحتاج تأسيسه بتر العلاقة بالماضي.
من خلال سياساتها أعلنت الولايات المتحدة أنها أولى دكتاتوريات القرن الحادي والعشرين، آمنا بالله هذا أمر مفهوم، تاريخياً حكم القوي للضغيف على هذه الأرض أفراداً ودولاً.
كل قوة سوغت لنفسها حق استخدام إمكانيتها بأعذار وطروحات مختلفة، المشكلة في حالة الدكتاتورية الجديدة أنها تطرح شعارات ومشاريع تتناقض جملة وتفصيلاً مع كل شكل من أشكال الدكتاتورية، الديمقراطية والمساواة وحقوق الإنسان ولا ننسى التحرير، كل هذا لا يمكن أن يتناغم مع دكتاتورية من أي نوع، المهمومون بالشأن العراقي يحلو لهم أن يقارنوا بين الاستعمار البريطاني وشقيقه الأمريكي، يشيرون إلى أن الأول أكثر خبرة ودهاء، قد يكون في ذلك شيء من الصحة لكن هذا لا يجعلنا نعتقد أن الأمريكان أغبياء، هم أمنوا أهم الأهداف وهو النفط، أما، الاستقرار وعودة الحياة الطبيعية وحكومة وطنية فمؤجلة لسبب خفي، والأخبار التي تحذر من شراء اليهود عقارات في مواقع رئيسية في بغداد تفتح ملفاً بالغ الخطورة، ووضع اليد هنا أمر يسير خصوصاً إذا ما تم الاستيلاء على أملاك الحزب المخلوع، ومن العجيب التشابه بين غزو صدام للكويت وغزو إدارة بوش للعراق، الأول تم تحت شعار الوحدة والثاني تحت شعار التحرير، وكلاهما لم يتحققا، حرص جنود صدام على نهب السيارات الفخمة وكل ما هو ثمين وشاهدنا نهب الآثار وملايين الدولارات من قبل الجنود الأمريكيين، والنفط كان حجر الزاوية في كلا الحالتين، الفرق ان صدام لم يجد من يتعاون معه، في حين وجد بوش متعاونين تتلاشى تدريجياً أهميتهم بالنسبة له، والواقع يثبت أن الولايات المتحدة لا تختلف عن ديكتاتوريات العالم الثالث، تكذب مثلما يكذبون وتقتل مثلما يقتلون، وتستبيح مثلهم أو أكثر، وعدوها يسمى إرهابياً أو مخرباً، مثلما كان صدام ينعت معارضيه بالخاسئين والمرتزقة.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.