المال وحده لم يكن السبب

كان نقص البنود المالية هو الراية الخفاقة التي يرفع عصاها المسؤول كلما طرحت استفهامات عن تراجع جهاز يشرف عليه، إلى أن عشنا مرحلة وفورات مالية، ورأينا استمرار الإخفاق ونقص الخدمات مع تراجع النوعية.
وثبت للمتابع أن المشكلة لم تكن نقص الاعتمادات المالية بقدر معوقات أخرى، أو على أقل تقدير لم تكن هي المشكلة الرئيسية، والدليل توافر اعتمادات لجهات لم تستطع استثمارها كما يجب ويتوقع.
مثلاً، مواجهة الفقر اتخذ فيها قرار وطني عالي المستوى وتوافرت أموال لصندوق الفقر، لكنه، حتى بعد تجميل اسمه، لم يستطع الوصول إلى المأمول، بل استمر في الحديث عن الدراسات، والأمر بعينه مع اختلاف طفيف ينطبق على وزارة الصحة، وأيضاً على التربية والتعليم في مشروع «تطوير التعليم» الذي مكث كل تلك المدة من دون حراك.
في المقابل هناك جهات استطاعت الاستفادة من الوفورات المالية، لعل أبرزها وزارة التعليم العالي التي غيّرت واقع هذا التعليم بعدد ممتاز من الكليات والجامعات تحت الإنشاء ستسهم بتوفيق الله تعالى في إغلاق فجوة هذا القطاع إلى سنين، فلا يضطر أبناؤنا إلى السفر خارجياً وحتى داخلياً للحصول على فرصة تعليم عال، قلت يضطر لأنه ليس في الابتعاث على حساب الدولة اضطرار بل هو اختيار يتوافق مع شروط.
أيضاً هناك تجربة فريدة مزجت بين الاستفادة من الوفورات المالية المخصصة من الحكومة وأفكار خلاقة جلبت أموالاً إضافية، وهي تجربة جامعة الملك سعود بالرياض في استثمار كراسي الأبحاث والوقف، وقد شاهدت حجم العمل الضخم في حرم الجامعة قبل أسابيع برفقة الدكتور عبدالله العثمان، وتأسرك في هذا الرجل بساطته ومباشرته، والأجمل هو الشعور الذي لمسته من أعضاء هيئة التدريس والإدارة ممن التقيت بهم، هناك شعور بالابتهاج والرغبة في الإنجاز.
وأتوقع أن إدارة الجامعة وأعضاء هيئة التدريس فيها يواجهون تحدياً كبيراً، ويتلخص في النتيجة أي في ما سيصل للطالب والمتخرج لاحقاً من هذا الحراك الكبير، هل سينتج خريجاً أفضل يستطيع الوقوف على رجليه بدلاً من انتظار الوظيفة الحكومية؟ لا أخفي تفاؤلي مع أني لمست ملاحظات هنا وهناك، لكنها لا تستطيع عند نقاشها إغفال أن الجامعة تغيّرت من الركود إلى النشاط الطموح.
وأعود إلى المال وإلى مدير الجامعة حيث ذكر لي أنهم بعدما حصلوا على مباركة ودعم الملك عبدالله بن عبدالعزيز على خطة النهوض وجدوا الدعم من وزارة المالية ممثلة بالدكتور إبراهيم العساف، ولم يقتصر هذا الدعم على تسهيل الإجراءات بحسب ما ذكر لي الدكتور عبدالله العثمان، بل تحول إلى دعم مبادر من الوزير لأفكار الجامعة الأخرى. وبين من يشتكي من إجراءات وزارة المالية وبين من يعلن أنها داعم رئيسي له في الإنجار، نقف خارج الدائرة في حيرة وسؤال يطرح: لماذا نجح هؤلاء وأخفق أولئك؟

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليقان على المال وحده لم يكن السبب

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الحبيب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
    نجح هولاء بسبب وجود خطط مدروسة وبئية عملية واضحة ومتابعة من الرجل المسؤول الاول في الجهاز ومراقبة للانجاز وفشل اولئك لانه ليوجد لديهم خطط مدروسة والاتكال على الوكيل والوكيل يوكل المساعد
    والمساعد يوكل المدير وفشل اولئك اين كانوا لان ليس لديهم بئية عمل واضحة امورهم وعلى قدر اهل العزم وفشل اولئك لانه لايوجد لديهم متابعة ولامراقبة .. والفشل اساسا اموره واسبابه واضحة استاذي الحبيب لكن النجاح للاسف في زمن الغبار اصبح شئ غريب ومستهجن ..
    الله يصلح الحال استاذي الدعاء ولاغيره.

  2. صالح العساف كتب:

    أسعد الله جميع أوقاتك بكل خير…

    أبو أحمد…

    قد لا يعجبك ما سأقول ولكن هذا ما أجده أمامي…

    سأكون صريحاً…

    المال شيء رائع وخصوصاً إذا كان من نوعية ( إدفن فقر أحفاد أحفادك ) كما أننا لم نتعلم أن نجد من يحافظ على المال العام ليستفيد منه الجميع بل نجد من يجعله بالحفظ والصون لديه في حساباته…

    المهم…

    من وصل إلى طموحه أو دعنا نقول من توقف طموحه إلى ما وصل إليه من منصب إداري فسيلتفت إلى تلك الريالات اللانهائيه وسيحرص كل الحرص على حمايتها من كل يد طويلة وذلك بوضعها ( تحت بلاطة بيتهم )..

    ذلك هو النوع الأول أما النوع الثاني فهو من يريد أن يصل إلى العلالي والمعالي.. ليس بجهده وإنما أيضاً بالمال.. ( الجميع يجد غايته بالمال ) ينطلق إلى عالم الأضواء عبر صرف مبالغ طائلة مع الضرورة القصوى للتغطيات الإعلامية في جميع الصحف وإقامه حفل على شرف رأس الهرم في المنظومة الكبرى.. ( ولا تصير راحت الدراهم فشوش )…

    عذراً أبو أحمد… ماذا تغير في جامعة الملك سعود؟؟؟؟ خصوصاً بعد صرف تلك الأرقام الفلكية؟؟؟

    كراسي بحث وسنة تحضيرية وإستقطاب فائزين بجائزة نوبل و و و و…. أستميحك عذراً ( على الفاضي )

    مناهج الجامعة لم تتغير، المحاضرون نفسهم ، طريقة التعليم ذاتها… طلاب الجامعة خير دليل…

    المضحك المبكي ما رأيناه من هالة إعلامية حول تقدم مركز الجامعة في ترتيب الجامعات العالمية…

    أبو أحمد على من يضحكون؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ أقولها بغضب

    أعود إلى صلب الموضوع المال هنا يصرف للوصول لغاية الأمل… ولكن إذا أردنا أن ننظر إلى الجانب المشرق من الموضوع فهو أن الشخص المستهدف كرسيه بدأ الحركة وأصبح يصول ويجول فالكرسي غااااالي….

    عموماً رأينا من أخذ حيزاً من الصحافة لفترة من الزمن بل زاد عن ذلك بالتغطيات التلفزيونية حتى ينهي مهمته بمؤتمر يبشر الجميع بنجاحه مرة تلو الأخرى إلى أن وصل إلى مبتغاه ولم يكن ذلك بالمستغرب…

    أبو أحمد… ثق تمام الثقة بأن الجميع يستخدم المال لما فيه مصلحته الخاصة..( إلا ما ندر )

    تقبل ودي وفائق إحترامي وخالص تحياتي

التعليقات مغلقة.