رجال بلا ريش

أصيب كل من انتظر خطاب الرئيس الأمريكي جورج بوش الذي أعلن فيه رؤيته حول قضية فلسطين بخيبة أمل كبيرة، فيما عدا إسرائيل وأنصارها، والجدير بالانتباه أن الخطبة الرئاسية القصيرة لم تشر من قريب أو بعيد إلى استعداد العرب للسلام ولا إلى مبادرتهم المعلنة والتي قال في وقت سابق أنه يدعمها، لكن فخامة الرئيس استخرج من المبادرة العربية ما يخص التطبيع فقط دون إشارة إلى أي التزام إسرائيلي، بل إن العرب اكتفى بذكرهم على أنهم “الجيران”، ولم يؤكد عن در واضح لهم إلا في توفير الحياة الآمنة لإسرائيل.
لست أرى في هذا الموقف أمراً جديداً لكن الأمل لدينا بصحوة القوة المسيطرة على العالم لإحقاق الحق هو الذي يجعلنا نشعر بخيبة أمل، حيث يطلب من الفلسطينيين كل شيء ولا يقدم لهم أي شيء، مجرد وعود شربوا منها على امتداد خمسين عاماً ماضية، ومن الواضح أن تلك الشروط التي علقت بالهواء تتفق تمام الاتفاق مع شروط إسرائيل فقد تحول الموقف الأمريكي ضد القيادة الفلسطينية وأصبح مطابقاً لموقف شارون، وتم ذلك خلال أشهر قليلة.
إسرائيل تسعى إلى أن تحقق ومن خلال الولايات المتحدة ما لم تستطع تحقيقه بنفسها، وهي تنجح في ذلك وتتقدم فلديها محامٍ قدير يملك قوة إصدار الحكم وتنفيذه وكلاهما يراهنان على الوقت، أهمية الوقت تأتي من أن محاولة تحقيق بعض تلك الشروط سيشعل حرباً أهلية فلسطينية، وهذا هو المطلوب ولن تنفع مناورات القيادة الفلسطينية التي بدأت بإعلان ياسر عرفات أنه أخطأ بعدم قبول ما قدمه باراك أثناء ولاية الرئيس كلينتون ولا بالقيام بدور الشرطي.
ما هو المطلوب بالتحديد؟
المطلوب الذي تراهن عليه إسرائيل وتسعى حثيثاً لتحقيقه هو إعادة إنتاج قيادة فلسطينية بديلة مهجنة مثيلة لما أعلنت عنه قبل فترة قصيرة من أن علماءها أنتجوا دجاجاً بلا ريش، إسرائيل تريد رجالاً من دون أظافر ولا أسنان، قيادة تدير قوى عاملة رخيصة يتم استخدامها لتشييد المستوطنات للمهاجرين الجدد أو جنود المستقبل، في المقابل ليس لدى القيادة الفلسطينية إلا محاورة المناورة وكسب الرضى الإسرائيلي بالقبض على بعض قيادات المنظمات الفلسطينية التي تحرك انتفاضة فتر زخمها أصلاً أمام القمع المسلح الإسرائيلي، أو تلك التي تقود العمليات الاستشهادية، لكنها هنا تحاول الحصول على رضى من؟ رضى “شايلوك” الذي لا يمكن أن يوافق أو يرضى إلا بحيازة كل شيء!؟ ولن يشبع أبداً.
والمتابع للعمليات الاستشهادية يتعجب من الحرص على استمرار الإعلان عن منفذيها والجهات أو المنظمات الفلسطينية التي تقف وراءهم، في تبارٍ واضح لكسب الشارع الفلسطيني، وكأننا في حملة انتخابية من دون أي اهتمام بالإرشاد الذي تقوم به تلك البيانات لقوات العدو والأثر الإعلامي الذي يجيد هو استغلاله، هذه الأرضية العجيبة أليست صالحة لحرب أهلية تدفع لها إسرائيل دفعاً.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.