إطفاء الحرائق دون إدانة مشعليها!

في السياسة غالباً ما يُقال كلام يناقض الفعل، مثل قنابل دخانية تستهدف التمويه على حقيقة المراد، يرجح ان تكون تصريحات وزير الخارجية الايراني الاخيرة من هذا القبيل، التهدئة الايرانية المفاجئة، في ما يخص الاعتداءات على الحدود السعودية الجنوبية ومعها دعوة الأمين العام لـ «حزب الله» في لبنان السيد حسن نصرالله لمبادرة إيرانية تجاه السعودية، أو سعودية تجاه إيران، كما جاء في تصريح الاخير. لكن لا أحد منهما أدان الاعتداءات على حرس الحدود السعودي قتلاً وإصابة. جملة هذه التصريحات منذ بداية تلك الاحداث وسط الاسبوع قبل الماضي تحاول التأكيد على مسألة واحدة أن إيران طرف أساس في القضية وكل قضايا المنطقة ويجب أخذها في الاعتبار سياسياً، ما يعني ضرورة الرجوع اليها. من هذا دعوات للجلوس والمفاوضات حتى من المتمردين في اليمن الذين طالبوا بوساطات خارجية.
ربما تكون بالونات التهدئة هذه لمجرد التقاط الأنفاس وصدى لرسائل ميدانية من المتمردين في اليمن بعد واقع عمليات عسكرية، فهل من الصدف أن تتحلحل قضية تشكيل الوزارة اللبنانية مع شرارة استهداف الحدود السعودية اليمنية؟
مشكلة إيران مع الدول العربية أنها تؤكد بالأفعال والأقوال ما يحذّر منه الغرب، أميركا وبريطانيا تحديداً، وتقاطر المسؤولين الغربيين على دول الخليج العربية للتحذير والتحريض على إيران ليس عنّا ببعيد، لكن الممانعة السعودية والخليجية لتلك الدعوات لم تؤت ثمارها في طهران، بل شجعت التيارات المتطرفة هناك على مزيد من استهداف مصالح عربية، كل هذا يصبّ في مصلحة إسرائيل التي يعلن فضائياً عن عداوة لها. السياسة العربية هنا بين فكي كماشة، مثلما أن المتمردين في شمال اليمن بين فكي كماشة، ولا شك أن دعوة الأمين العام لـ «حزب الله» في لبنان لإطفاء الحرائق دعوة طيبة، لكنه أهمل إدانة مُشعل الحرائق، الحرج أن حكومة إيران تخصصت في إشعال الحرائق وصب الزيت عليها، ويبدو أننا في صدد ماهية عملية الإطفاء تلك، فهل المطلوب أن تشارك إيران على طاولة مفاوضات من هذا النوع لإيقاف إشعال الحرائق أو إطفائها؟ وهي النغمة التي ترددت فضائياً، وتتعقد المشكلة في الابتزاز الطائفي الذي تمارسه إيران في المنطقة بتصريحات المسؤولين وآلة إعلامية، ما يتنافى مع دعوة الأمين العام لـ «حزب الله» بعدم إضفاء الطابع الطائفي، وآخرها التدخل الإيراني الصارخ في الشؤون الداخلية اليمنية. هنا يستلزم الأمر دوراً حقيقياً لأمين «حزب الله» في لبنان يتجاوز التصريحات الفضائية – بخاصة وهو القريب من طهران – حتى يتطابق القول مع الفعل للجم التيار المتطرف في إيران.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

3 تعليقات على إطفاء الحرائق دون إدانة مشعليها!

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    على عيننا ورأسنا استاذي كلام جميل لكن انا اعتقد استاذي ان هناك دور غير نزيه يقوم به الاعلام
    في تأجيج صراع في مابيننا وهناك بالعربي اجندة خفية غير مما هو ظاهر . والله ورسوله اعلم .
    شكرا استاذي ..

  2. ابو عروب كتب:

    مساء الخير ابو احمد

    اتمنى تكون بصحه وعافيه ان شاء الله

    ايران تبحث عن مصالحها الخاصه (مصالح شيعيه بحته )

    وتصريحات وزير الخارجيه الاولى تغيرت بعد يوم وهذا لاسباب

    لكن نتمني من حكامنا عدم تصديق الرافضه بكل كلمه لان الخاينه تمشى في دمائيهم

    وشكرا

  3. نجيب سحمان كتب:

    عقب ثورة مصدق دفع شاه إيران السابق محمد رضا بهلوي لبريطانيا 50% من بترول إيران , و40% منه للولايات المتحدة الأمريكية ليضمن عودته لإيران وبقاءه فيها , واستمر وفيا بالتزاماته للبلدين حتى خروجه من إيران في يناير 1979 وطوال فترة حكمه كان سببا أساسيا في تخلف دول الخليج بتهديده المستمر و منعه جميع مشاريع التنميه , دعمته في ذلك حليفاته المستفيدات منه, لابد أن نظام الملالي قد دفع أضعاف مادفعه الشاه لبريطانيا والولايات المتحدة وإسرائيل ليفوز بحكم إيران ويكسب التأييد والتدلييل حتى الآن.
    النظام الملالي الشيعي أستباح لأتباعه قتل الرجال السنيين وسبي نساءهم فلم يدين النظام الإيراني الحالي ولسانه الناطق في حزب الله قتل الجنود السعوديين في الأشهر الحرم؟ وقد أوهم الملالي أتباعه بالأجر العظيم ومنحوهم صكوك الجنة لمن قتل سنيا أو ألحق به الأذى,والأجر مضاعف في الأشهر الحرم
    وليس صدفة أن تتزامن الأعتداءات الإيرانية المبطنة و المدبرة على الحدود السعودية اليمنية مع موسم الحج هذا العام , الإعتداءات هي نظام استنزاف مدروس لثروة دولة مسلمة سخر الله تعالى مؤسسها وشد ملكه لحماية حجاج بيت الله الحرام وتوفير سبل الراحة لهم ليؤدوا مناسكهم بإطمئنان , إذا ما علمنا أن إيران أرادت أن تفوز بخدمة حجاج بيت الله وتنال فرصة واحدة على الأقل لتحقق أطماعها ومآربها حين طرحت فكرة تدويل الحج في التسعينات من القرن الماضي .

التعليقات مغلقة.