بين نجاح وفشل

إذا كانت وزارة التجارة السعودية نجحت في تصفية 70 في المئة من المساهمات العقارية المتعثرة والتي سبق الترخيص لها من الوزارة فهذه خطوة كبيرة تحسب لها. اعتمد هنا على تصريح لوكيل الوزارة، ولا أخفي عليكم أن إعلان العزم على ذلك سابقاً صنفته من ضمن الوعود الكثيرة التي تراكمت طوال سنوات من دون أن تجد طريقاً للإنجاز، من حماية المستهلك ومحاربة الغش وردع ارتفاع الأسعار…الخ. إذا نجحت الوزارة في تصفية مساهمات فهي تشكر عليها وبقي أن نرى الأموال تعود إلى أصحابها، ونقرأ عن عقوبات للمتأخرين والمماطلين في إيفاء الناس حقوقهم بدلاً من خروجهم مثل الشعرة من العجين بعد أن استمتعوا باستثمار أموال خلق الله وتسدحوا في فنادق السبع نجوم يميناً ويساراً. وأنوه هنا بحرص وزير التجارة على توقيع اتفاق مع احد البنوك لوضع حساب خاص باسم المساهمات… والإعلان عن ذلك من خلال أخبار وصور. أخمن أن في هذا رسالة مهمة، لم يكن هناك في السابق وضوح أين تودع هذه الأموال وفي حساب من؟ ولست أعلم القوة الدافعة التي مكنت الوزارة من النجاح في ذلك لكني أتوقع أنها مبادرة وزير مع اهتمام ومتابعة.
يبقى الفيصل في هذا – المنتظر – هو حل جميع المساهمات المتعثرة وإعادة الأموال للمساهمين المعلقين منذ عقود، ومعه ما لا بد منه، وهو تنظيف البيئة التي وطنت هذه الممارسات وسهلت إمكان التلاعب بحقوق الناس وغالبيتهم ضعفاء ومحدودو الدخل، إضافة إلى تيسير توصل الجمهور للمعلومات لكل مشروع أو مساهمة، للتأكد من مشروعيتها وشرح الضمانات المشروطة على القائمين بها لحفظ حقوق الناس. أهمية التوصل السهل للمعلومة الحقيقية والتواصل مع الجهة المشرفة تبرز في تذليل العقبات البيروقراطية، والاستفادة من وسائل الاتصال والتحقق كافة، لأن الانترنت ما زال يتم التعامل معه من فئة محدودة من الناس، إذا تم النجاح في ذلك، مع توعية فاعلة، سيتحقق تضييق الخناق على المتلاعبين بأموال الناس ما يمكّن من حصر ألاعيب توظيف الأموال في خانة ضيقة.
***
اتهم رئيس هيئة المواصفات السعودية تجاراً سعوديين بالحرص على استيراد سلع مقلدة ورديئة من الصين، وحدد مناطق في الصين يذهب إليها هؤلاء الحريصون على تضخيم أرباحهم على حساب سلامة الوطن والمواطن. احتجنا إلى سنوات طوال ليعترف مسؤول حكومي بهذه الحقيقة. وكان الملحق التجاري الصيني أول من أعلنها (ذيك السنة) وسط صمت مطبق من كل الجهات العامة والخاصة، وكأن الممارسات المخجلة تقع في كوستاريكا، في حين قالت الجمارك إن نصف عدد وفيات حوادث المرور سببه قطع غيار مقلدة. المشرعون والجمركيون نطقوا بعد صمت طويل، وربما يتوقف الأمر عند حد «الزجر الصحافي».
اما التشهير بالتجار الغشاشين ومحاسبتهم علانية بما فيها الاقتصاص للمتضررين فذاك من غير المستحب وقيل… مكروه!

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليقان على بين نجاح وفشل

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    نعم وقيل مكروه وقيل احراج وقيل انهم وقيل وقيل الى ان تتضخم المصيبة مثل الفيل ومابين قيل وقال
    امور وامور تنتظر الى ان تفور وباقي عليها شوية حتى تغور .
    الله يصلح الحال .
    شكرا استاذي الحبيب.

  2. حيدر جعفر كتب:

    بارك الله في الكاتب فقد برهنت لنا الأيام امكانية تحوله إلى (مفتي مودرن) أي أنه يصلح للفتيا في إحدى القنوات الفضائية.

التعليقات مغلقة.