سيول المال والأمطار… جرس إنذار

جرس الإنذار الذي قرعته فيضانات جدة، نموذج لما يمكن حدوثه في أي مدينة أو قرية إذا لم يلتفت بحزم وأمانة كل مسؤول الى مسؤوليته. صوت جرس الإنذار المخلوط بالأنين وجثث الموتى والخراب يجب أن يتردد في كل مكتب مسؤول، ليس بتناقل القصص المؤلمة مع تأثر ثم مصمصة الشفاه والعودة إلى الروتين! بل في العمل على عدم تكراره. سيول جدة – على سبيل المثال – أصابت ذاكرة الخطوط السعودية فحشر الناس في المطارات لساعات طوال من دون أن يخرج عليهم موظف ليخبرهم ماذا يفعلون. لماذا يختبئ المسؤول وقت الشدة، الوقت المفترض ظهوره فيه؟ هول الفاجعة في جدة أبعد تركيز الإعلام عن إخفاق الخطوط السعودية، من البديهي أن يكون لخطوط جوية مواقع طوارئ بديلة تعمل بعد لحظة من عطل المركز الرئيسي. هذا لم يكن لأنها مشغولة بالخطوات المتسارعة. ويتوقع مثله في مفاصل حيوية أخرى، ويمكن لك أن تفكر في اتصالات وطرق وأرصاد ودفاع مدني وشرطة، في سرعة ونوعية الاستجابة.. وقبلها استشعار الخطر والوقاية منه. لا بد من إعادة فحص كل هذا، للنظر في الحلقات المفقودة وتلافيها، أما الركون إلى التستر على التقصير فهو أساس البلاء، هذا ما ضخّم الأخطاء لتتحول إلى جبل عظيم مثل سيول سحقت العروس.
بألم قال صديقي الجداوي «انتبه المطبات خلفك»، وهو يلملم عفش منزله هرباً من بحيرة الصرف التي سُميت زوراً بالمسك. التحذيرات من السيول «المنقولة» حفاظاً على حياة البشر لم تظهر باكراً، أين الخلل ولدينا كما يقال أحدث الأجهزة والخطط، «منقولة»! هل يعني هذا أنها خارج نطاق رصد الأرصاد، الآن ستنهال التحذيرات «العامة» إلى درجة لا يصبح لها قيمة.. «انتبه المطبات خلفك».
السيول من الأخطار المتوقعة والتحذير الباكر هو واجب جهات أنشئت لهذا الغرض، في حين أن هناك أخطاراً أخرى تكشفها سيول المال التي انهمرت ولم توظف التوظيف المناسب، فتجمعت برك أمطار من بطالة واستثمار وتنفّع ربما هي متجمعة الآن وراء سدٍ يئن ويئن.
***
العامل الباكستاني الذي أنقذ 14 نفساً من الغرق في فيضانات جدة كما ذكرت «الحياة» ثم توفي غرقاً إلى رحمة الله، يجب أن يُكرّم وتُعوّض أسرته. المعاني العظيمة التي صورتها لنا شجاعة هذا الرجل هي صفعة في وجه الذين لا يترددون في السرقة والتنفع أو التستر على ممارسات مخزية. لم يقل هذا الرجل «ماهو شغلي»، لم يتردد قائلاً «أنا ومن بعدي الطوفان»، لم يجتر قولهم «أنا عود من عرض حزمة» متفرجة أو ساكتة «متعيجزة» تخاف من الوهم بل بادر لإنقاذ الناس واستشهد.
***
الأمانة تحتاج إلى قدوة وعبرة، الأولى تكريم نماذج عملت بها، والعبرة «بكراعين» من أخل بها وقد علق منها. هكذا يمكن تأصيل الأمانة لأنها ضعيفة ضعف البشر إذا لم تجد من يحرسها.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

4 تعليقات على سيول المال والأمطار… جرس إنذار

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذ يالحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    اللجنة التي انشأت بقرار من خادم الحرمين الشريفين بس لو تأخذ لفة على بعض الوزارات الاخرى لفة صغيرة سوف ترى ماسوف يؤدي ماهو بس سيول وفيضانات لا والله زلازل كمان . الله يسهل لهولاء الفاسدين
    بالزلازل المستديمة بحول الله مثل ما استهانوا بمجتمعهم واخوانهم وابناء وطنهم . شكرا استاذي

  2. مهره كتب:

    مساء مطر ” هتون ” يشعرنا بالنبض الدافئ والحب , ويرينا ” كيف يجب أن نغزل السحب في قلوبنا …..فقط أردت أن أقول : ” للعامل الباكستاني الذي أنقذ 14 غريقا ثم مات غرقا , أقول له ” رحمك الله تعالى وأسكنك فسيح جناته ..وربي يجعل رزق الدنيا بين يديّ أسرتك حتى لا تجوع ! ربي يجعل رزقك جنة في عليين …تعيش فيها دون أن تجوع , دون أن تهرم , وإذا اشتهيت أتتك شهوتك على طبق من ذهب ..اللهم آمين ” وسأدعولك في صلاتي وأنا ساجدة ……..في الواقع أنا أحبه فنهايته كانت نهاية رجل شـــــجــــــــاع ………….
    شكرا أستاذ عبدالعزيز وشكرا لقراءك ……….حانت صلاة المغرب وثقوا بأني سأدعو للباكستاني البطل بلا منّة مني ……ولن أتوقف عن الدعاء له وربي يقبل مني …………….

  3. يوسف الغانم كتب:

    اذا كان باكستانيا قد ضحى بنفسه وانقذ 14 شخصا ، فان هناك مواطنون يشترطون 500ريال ثمن انقاذ الشخص الواحد …يالها من انانية وجشع انه موت الضمير
    ان من هذا مبدأه لا شك انه من من فرح بالكارثة لانه موسم اقتصادي بالنسبة له ، طبعا هناك من يقدم مصلحته الشخصية على مصلحة وطنه ان هؤلاء من تسبب في هذة الازمة والكارثة ،فحسبنا الله ونعم الوكيل

  4. م / أمين بن نجيب المصري كتب:

    أود أن أعلق على المقال الموجود في ص 5 من جريدة الحياة بتاريخ 3 ديسمبر 2009م. “الأرصاد تنفي التهم”.

    لا أظن أنه بعدما صرح به والد الجميع , مولاي حادم الحرمين الشريفين مزايدة، وعلى كافة الألسن المعتذرة أن تصمت. ما فائدة أن تبلغ مصلحة الأرصاد الدفاع المدني بالأخطار ومن ثم تضيع الطاسة بينهما. إذا لم تصل المعلومة للمواطن عبر كافة وسائل الإغلام والإعلان فلا فائدة منها. لآ أدري لماذا يصر سعادة وكيل الرئيس العام لرئاسة الأرصاد والبيئة لشئون الأرصاد على التنغيم على موضوع أن ما حدث خارج عن السيطرة.

    إن كل من يعتذر في الوقت الحالي أو يبرر تبريارات واهية فهو يحاول تبرئة جهته.

    هذ رأيي أنا المواطن البسيط، ونأسف عن الإزعاج.

التعليقات مغلقة.