ذكاء دبي (1 من 2)

ميزة الأمطار – مع سيولتها – أنها لا تتجمع في محافظ مغلقة، السدود والبحيرات، الكل يستطيع مشاهدتها ومعرفة تطوراتها، لذلك فإن انكشاف جدة على كارثة السيل كان صاعقاً، وشاهده الجميع، على العكس من انكشاف فرد، أو حتى مجموعات على الكوارث المالية. المال يجري في وديان وجداول مخبأة داخل القنوات المعلوماتية وبإشراف حراس، ويجري ترتيب أمورها في مكاتب فخمة. لو كانت سيول الماء تحفظ مثل المال السائل، لربما لم نسمع شيئاً يذكر عن تعرض جدة لكارثة السيول، وبالتالي فتح ملف الفساد والتجاوزات، ولاكتفينا بخبر «واس» الشهير عن فرحة أهالي جدة بالأمطار وعدم تذمرهم.
هذه مقدمة أراها مفيدة لأشارك القارئ حيرة انتابتني في موضوع اهتم به العالم أجمع بين مضخم ومقلل من الآثار، ألا وهو مشكلة ديون دبي، خصوصاً أن الأمور حُصرت، واتضح أن الديون هي مشكلة شركات، لا مشكلة إمارة أو دولة.
الحيرة جاءت بسبب آراء مطروحة، بعض منها مصرح به، وبعض آخر يدور في الدهاليز المالية والتنموية، ويعلن عنه بصور غير مباشرة.
الطرح المعروف يقول إن إمارة دبي تعاني من إفلاسات وضغوط دائنين، وإنها في حال صعبة، ويستند هذا القول إلى تعثر سداد ديون شركة دبي العالمية (حوالى 60 بليون دولار)، وإفلاس بعض مشاريع هذه الشركة، وفساد مع إعلانات عنه، وكل ما أثير حول هذه الديون والتصريحات العالمية عن أثرها في الاقتصادات، بما فيها من انتقاد لأسلوب التنمية الذي يوصف بـ «المندفع»، وأن المخاطرة فيه كبيرة، لتكون هذه هي النتائج كما يدلل أصحاب هذا الرأي.
في المقابل – ومع كل هذه الديون وما أثير حولها وتشكيك في المستقبل وإعلان فساد وملاحقة له – أرى مثلما ترى في دبي مشاريع تنشأ وتنجز وتبدأ التشغيل، آخرها مشروع مترو دبي (بما يزيد على عشرة بلايين دولار)، وكذلك بدء تشغيل أعلى برج في العالم (160 دوراً)، بتكاليف وصلت إلى 20 بليون دولار، بما فيها تطوير المنطقة المحيطة به، وأكبر سوق في العالم، حتى إن الشيخ «أرماني» افتتح فندقاً له، قام بتصميمه في المشروع الوليد.
الحيرة تكمن في كيف يجتمع هذا مع ذاك: ديون وتعثر سداد وفساد مالي وتضرر سمعة استثمارية، وفي الوقت نفسه مشاريع جديدة ضخمة لم تتوقف، بل ظهرت على سطح الأرض؟
من نصدق… أصحاب الرأي القائل إن أسلوب التنمية في دبي فيه تسرع واندفاع غير محسوب العواقب؟ أم نصدق ما تراه أعيننا من مشاريع وبنية تحتية؟ غداً نكمل… لنحاول تبديد الحيرة، ومن كسب ومن خسر!

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليقان على ذكاء دبي (1 من 2)

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذنا الغالي ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    والله انا اصدق عيوني بس . والرزق على الله
    افلاس ايش وتعثر ديون والخرابيط هذه .. فريق كرة زي انتر ميلان يأتي من ايطاليا
    علشان يلعب مع الهلال ويقضي اجازة في دبي .
    يابو احمد احنا مجانين حتى اصبحنا نصدق كل مايقال .
    اترك عنك شوف خطوطهم تقول مركبات فضائية والله نحسدهم .
    ياالله بس حبايبنا يقلدوهم بس
    شكرا ابواحمد وجزاك الله خير .

  2. عمّار حيدر كتب:

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد,
    الأستاذ عبد العزيز أعتقد انه أرسل لك استبيان عن وضع جدة من الأمانة حيث أتاني أنا عبر الايميل أو قد يكون أرسل بشكل حصري للبعض المهم ياسيدي هذا الكلام من سبعة أو ثمانية أشهر (قبل السيل بكثيروقبل اتشغيل المترو في دبي وقبل البرج) صدقني أقترحت عليهم ارسال بعض المهندسين و الاداريين كبعثة عفوا أقصد انتداب ليتعلمو شيء وليس لدول اوروبا من اللي يحبها قلبك على أساس أن الذين أتت بهم دبي هم من الاوروبيين والأمركيين وقد نجحو في وضع دبي في مصاف المدن العالمية اللهم لا حسد بس نحن لنا خصوصية والله ما أدري هالكلمة ايش المقصود منها المهم الله يهني أهل دبي والله لنا .

    وجدة غير

التعليقات مغلقة.