«استقلالية» الرقابة

من معضلات «هيئة التخصصات الصحية» في السعودية التي فوجئت بمن اتهمتهم بخيانة المهنة والتزوير لا يزالون على رأس العمل ويتقدمون لها مرة أخرى! إنها مرتبطة إدارياً بوزارة الصحة… والبيت الصحي واحد. هناك جهات كثيرة على هذا المنوال ترتبط بجهات يفترض أن تراقب وتتأكد أو تقوّم الجودة بالجهة المشرفة على الخدمة أو القطاع محل المراقبة، الرئيس واحد، لا أقصد المساس بأحد إطلاقاً، بل يمكن أن يتحوّل الهرم الإداري إلى «طعس» من الرمل تغوص فيه قرارات وطلبات إفادة وتعاميم. أتحدث عن أجهزة وكيفية تفعيلها لتحقق أهدافها بحسب الأنظمة.
في نموذج هيئة التخصصات الصحية ومرجعيتها تعارض المصالح واضح، والاستقلالية مهمة هنا، خصوصاً أن التجمل هو الشائع، ولعل المراقب يلاحظ أننا ندور حول أنفسنا في كثير من قضايا شغلتنا لسنوات طويلة. في الصحة تبرز الأخطاء الطبية وتردي الخدمات وجشع القطاع الخاص.
هيئة التخصصات الصحية يفترض أن ترتبط إدارياً بمجلس الوزراء، مثل هيئات أخرى، وهذا لا يقلل من مسؤوليتها عن فضيحة استمرار عمل متهمين بالخيانة والتزوير. ليس من الإنجاز أن تعلن عن اكتشافك الآلاف من الشهادات المزوّرة، بل الإنجاز في منع هؤلاء وردع من وفَّر لهم الفرصة للعمل في بطون الناس. وإذا علمت أن بعض الأطباء أشاروا إلى موظفين في «صحة جدة» – كنموذج حان قطافه – يعملون بدوام جزئي في مستشفيات خاصة ويتغاضون عن التجاوزات، يمكنك فهم تضارب المصالح والنخر الحاصل، ومثلها – في مسألة المرجعية العليا – ما يقترح من إنشاء هيئة مستقلة عن وزارة الصحة لتقويم المؤسسات الصحية. المراقبة الخارجية هي أفضل الطرق للحد من الأخطاء والإهمال والتنفع والفساد.
نظرياً هذا صحيح، لكنه ليصبح عملياً يستلزم جملة أمور جوهرية، أهمها في نظري، لتحقيق التطلعات، شجاعة وقدرة القائمين على الهيئات الرقابية المرتبطة بمجلس الوزراء، وإذا أخذنا نماذج من أجهزة يعول عليها كثيراً في العموم، فإن أبرزها ديوان المراقبة العامة وهيئة الرقابة والتحقيق. على رغم هذا الارتباط الإداري لم يتحقق شيء يذكر في تغيير الواقع. وللأمانة، فإن نشاط ديوان المراقبة العامة أفضل بمراحل من هيئة الرقابة والتحقيق. أيضاً للأمانة هذا الديوان شهد بعد تولي الأستاذ أسامة فقيه تغييراً ملحوظاً ومحاولات أقلها الحضور الإعلامي بشفافية أكبر لم تعهد من سابقيه، في حين قبعت هيئة الرقابة والتحقيق على حالها الأولى.
لكن الشفافية لا تزال دون المستوى، خصوصاً في الإعلان عن التجاوزات، لا بد من أن ذلك لو تم يعني تصادماً مع جهات حكومية أخرى معنية، وهو أمر طبيعي ولا بد منه، ولعل المتداول كثير في هذا الجانب عن مشاريع بتكاليف ضخمة لم تطرح في منافسات كما ينص النظام، ولم يذكر عنها شيء في ما نشر عن تقرير ديوان المراقبة الأخير.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليقان على «استقلالية» الرقابة

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذنا ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    اليوم من جد انا اتكلم عن نفسي ياانا مجنون او اني اصنج او الفهم عندي يحتاج الى صنفرة
    امس ولي عهد الدانمارك جاء البلد وزار هئية التخصصات والمقاييس الصحية والا ماادري اسمها
    ايش الخبر يقول انه ذهل للتطور الكبير في منجزات الهئية لا ووقع اتفاق شراكة لتبادل الخبرات
    ماتشوف استاذي انها قوية وتوجع وماتنبلع ولا تندف وغرزت تمام .
    شوية بس عشان نقدر نمشيها .. كله ماشي لكن وقع .. ياهو ياعالم .
    الله يصلح الحال ويروق البال .
    شكرا ابو احمد

  2. نبيل محمد كتب:

    الهيئة السعودية للتخصصات الصحية بحاجة لدماء جديدة
    وعليها ان تتعلم كيفية تخفيض النفقات وزيادة الجودة وتحسين الاجراءات وتوزيع الصلاحيات لبقية الفروع بدلا من زيادة الرسوم كل سنة

    الهيئة مدعومة وقد تبرع لها خادم الحرمين الشريفين بمبلغ 15 مليون ريال

    هل معقول ان تكون هناك رواتب تتجاوز مائة الف ريال ؟؟؟

التعليقات مغلقة.