ملل

تدير الولايات المتحدة العالم الذي تسيطر عليه الآن مثلما يدير كبار المنتجين سوق السينما الهوليوودية، في كل الأفلام وأغلب القصص والروايات تتعدد الشخصيات، لكن الثبات دائماً لشخصيتي الخير والشر، إلا أن مستلزمات التسويق بالنسبة لهوليوود وفتح أبواب مستقبلية له، تجعلهم يحرصون على شخصيات الشر مثل حرصهم على شخصية الخير إن لم تكن الحفاوة بها أكبر، إنها دجاجة تبيض ذهباً.
ومن مواصفات شخصية الشر أن قواها متعددة ولا تخطر على بال أحد من المتفرجين، وجوانب الغموض في تلك الشخصية عميقة ليس من اليسير سبر أغوارها، في كل يوم وكل لحظة لديها مفاجأة، إمكانات شريرة جديدة تخرجها من جعبتها، قوى شر مدمرة لا تعرف الرحمة تهدد الآمنين المسالمين، في الأفلام الضخمة والناجحة تسويقياً والأكثر إيراداً يجب أن تعيش الشخصية الشريرة أطول وقت ممكن، إنها لا تختفي عن الوجود إلا بنهاية الفيلم ولهذا ضرورة “فنية” فهو يتيح إنتاج أجزاء متتابعة من ذلك الفيلم بعد أن سيطرت أبعاد الشخصية الشريرة وإمكاناتها الخطرة على عقول المتفرجين، ليستمر النجاح والكسب، وحتى عندما تكون الشخصيات رجالا آليين “روبوتات” فإن تدميرها لا يعني تلاشيها، يكفي بقاء قطعة صغيرة منها لتعود هذه الشخصية إلى المسرح وتقوم بوظيفتها في بث الرعب وإفزاع المتفرجين وبالتالي فسح المجال لشخصية الخير لإبراز إمكاناتها، والنهاية المفتوحة هي الحل الأمثل عندما يضطر المخرج ومن ورائه المنتج إلى قتل الشخصية الشريرة، هناك عودة، متى؟ لا أحد يعلم إلا هما، ومتى ما كان المناخ أو السوق مناسباً.
لذلك فإن أسامة بن لادن وأمثاله يجب أن يبقوا ولن يتم القبض عليهم، يجب أن يكونوا حاضرين متربصين، انهم الذرائع التي أتاحت لقوى العم سام الخيرية للوصول لكل نقطة شريرة في العالم متى ما أرادت.لقد أتاح ابن لادن شاء أم أبى متعمداً أو مستخدماً للولايات المتحدة شرعية التحرك والدخول إلى أي غرفة نوم في العالم، ولم يعد الأمر يحتاج إلى شريط ساذج يبث من قناة الجزيرة، وحسب حاجة ورأي المخرج والمنتج يجب أن تبقى مثل هذه الشخصيات هاجساً ولو حصل واعتلت أو ماتت ففي الجعبة شخصيات أخرى يمكن استخدامها، لقد نجح باقتدار في وضع الموازين التي تحدد محاور الخير والشر في يد الولايات المتحدة، لكن المتفرجين أصابهم الملل ففي كل عشر إلى خمسة عشر عاماً تظهر شخصية شريرة ودائماً ما يكون لنا علاقة بها من قريب أو بعيد، هذه الشخصيات لا تظهر سبحان الله تعالى في كندا أو اليابان أو غواتيمالا.. فقط هي تبرز في محيطنا، وتستخدم قضايانا.نريد أفلاماً جديدة إخراجاً وإنتاجاً حتى نستطيع مواصلة الفرجة أو المشاركة ككمبارس بأقل قدر من الملل.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.