الاستدعاء اللطيف الظريف

حينما يعلن عن استدعاء السفراء حول جريمة سياسية يشتبه أن لبلادهم دوراً فيها، يُتوقع التوبيخ والتحذير الشديد اللهجة، لكن من شاهد الراحة على تعابير وجه السفير الإسرائيلي في لندن، وخطواته المتبخترة وهو يخرج بعد الاستدعاء، يعلم أن الاجتماع كان لشرب الشاي. حتى تصريحات المسؤولين البريطانيين بعد ذلك لا تشير إلى موقف مبدئي بل إلى محاولة لملمة القضية. الشاهد أن زوبعة الاستدعاءات سواء في بريطانيا أم ارلندا، أم الإعلان عن لجان للتحقيق، ليست سوى ذر للرماد في العيون.
وليس أمام شرطة دبي سوى استخدام الإعلام، وهي وظّفته بذكاء بضخ المعلومات الموثقة، تضاف إليه الاستعانة بالإنتربول الدولي لملاحقة المسؤولين عن الجريمة، والإجراء الأخير طويل الأمد، معقد ويستلزم تعاوناً من دول لا تبدي شيئاً منه.
والملاحظ أن الطرفين الفلسطينيين المتهمين بالمشاركة في الجريمة جرى تسليمهما بسرعة من الأردن للإمارات، وبعدها أعلن عن توقيع اتفاق لمكافحة الإرهاب. وجريمة دبي التي أشارت إلى «الموساد» بنسبة 99 في المئة، هي نموذج لإرهاب دولة إسرائيل، المسكوت عنه.
هل من المتوقع تسليم أصحاب الجوازات الأوروبية المتهمين لشرطة دبي؟ لا أتوقع ذلك، وستتحول القضية إلى ملف من ضمن الملفات، لأن بريطانيا صاحبة العدد الأكبر من الجوازات المعنية، مسؤولة تاريخياً – قبل ذلك – عن سرقة أرض فلسطين وتمكين اليهود منها، وعن تشريد شعب كامل، ومسؤولة كذلك، من خلال رئيس وزرائها السابق مندوب اللجنة الرباعية، عن استمرار إسرائيل في التسويف والمماطلة والمفاوضات لأجل بدء المفاوضات، وهي استفادت وما زالت من قضية، سرقة الأرض وتشريد الشعب وإشغال المنطقة بهذه القضية واستنزافها عقوداً من السنين.
ماذا يستفاد من تداعيات الجريمة في دبي، وردود الفعل عليها؟ عربياً وخليجياً، يجدر بنا الحذر من عباءات الاستثمار وحتى السياسة التي يمكن لأجهزة المخابرات الإسرائيلية وغيرها التخفي وراءها. في الأخبار أن مسؤولاً أمنياً سابقاً – في السلطة الفلسطينية – أيضاً هو مستثمر في الإمارات حاول الإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين على ذمة القضية، ورفضت سلطات دبي، ويوصف الشخص بالمستثمر والمتهمون بعاملين في تلك الاستثمارات.
وسواء كانت هذه الأخبار دقيقة أم أنها من جملة الحرب – المخزية – بين «حماس» والسلطة الفلسطينية، فإن الحذر واجب من العباءات التي تتخفى تحتها أجهزة المخابرات، ويمكن لك أن تضع ما شئت من أهدافها المستقبلية، وأهمها استماتة إسرائيل وغيرها من دول لها طموحاتها الإقليمية، على تجزئة دول العالم العربي وخلخلته من الداخل. فالحذر مقدم على الانفتاح وجلب الاستثمارات، وفصل الاقتصاد عن السياسة، مهما كانت الابتسامات عريضة والألسن ذربة.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليقان على الاستدعاء اللطيف الظريف

  1. المستقيل كتب:

    صح لسانك وكانك تقول لنا حكاية القرد والنمر وحكاية وين الطاقية
    حال السياسة حول قضية فلسطين والقضايا الاخر العرربية نفس حكاية وين الطاقية

  2. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
    العربان استاذي شطار يستدعوا بعض يسلموا على بعض وهات يازعيق وبعد الزعيق
    تصير جلسة الحقوق وبعد الحقوق تنذبح الخرفان ويسيل الدم .. وامجاد ياعرب امجاد
    وتطلع واحدة مواطنة فاضية تقول وين العرب وين ؟؟؟؟
    ويرد عليها الرجال الطيب ويقول انا اكره اسرائيل .. وبعد يومين يرد واحد من الطيبيبن
    على نغمة الكراهية المنبوذه ويقول والجميع بكرامة بااحبك ياحمار ومابين اسرائيل
    والحمار الاستدعاءات من هذا النوع وعلى الله يابو احمد .
    جزاك الله خير

التعليقات مغلقة.