سوق الحسايف

أفضل اسم لسوق الأسهم أطلقه أحد المتداولين، قال: هذا “سوق الحسايف”!، والسبب هو الندم، نعم فالندم و”الحسوفة” هي السحب المخيمة فوق رؤوس مرتادي هذا السوق، إلا قلة منهم بالطبع!، فإذا لم يكن مستغرباً أن يندم الخاسر فإن من يربح في هذا السوق يصيبه الندم أيضاً، ولا تستغرب فالطمع مستأصل في النفس البشرية، من يربح يندم لأنه يضع أمام عينيه ربحاً إضافياً كان في متناول اليد لولا استعجاله البيع، لذلك فإن مط الشفاه والحيرة هما الإشارات المعتبرة في سوق الحسايف، والجملة التي يبدأ بها المتعاملون الحديث هي: ما قلت لك؟.
أما الشائعات فهي السيدة المصون تجدها على كل لسان، ومثل كل شائعة من يستمع لها لا يصدقها لكنه ينقلها لتعود إليه فيؤمن بها!، ومنذ عرفت سوق الأسهم السعودي وهو لا يعترف بأرقام ولا أداء شركات، مسرح عرايس يدار بتلك الخيوط الشفافة، ثلاث شركات ترفع السوق وتخسف به، وشركات تخصصت في عكس حركة السير، وشركات لا في العير ولا في النفير ولها صوت عال!، والإشاعة هي السيدة المصون، والذي يقول إنه ليس لدينا شفافية لا يخبر واقعنا، الحقيقة أن لدينا شفافية نخبوية، فلازال الداء القديم في احتكار ثم استغلال المعلومات يضرب أطنابه في أرجاء السوق، و”يا تلحق وياما تلحق”، في زمن مضى كتبت أن أفضل أسلوب للاستثمار في سوق الأسهم أن تضع عقلك في كيس بلاستيك وتحفظه في سيارتك وأنت تدلف إلى صالات التداول، ولا تبتئس إذا أخطأت السيارة عند الخروج!، ولا زلت عند هذا الرأي.
يعيش السوق حتى الأسبوع الماضي!، ما يسميه بعض المتعاملين المربع الذهبي، وهي تسمية انطلقت أصلاً من دوري كرة القدم بالمربع الذهبي لتستقر في سوق العقارات بالمربع الذهبي في المخطط الفلاني، لتنتهي في سوق الأسهم، وتوافد لهذا السوق في الأشهر الماضية، تجار عقار، وماشية، وسماسرة سيارات، وكل ما يخطر على بالك، الأرباح مغرية وهذا السوق لا ينخفض والمؤشر في صعود، والكل يده على قلبه، أحد المتداولين ابتدع قبل شهر مؤشراً خاصاً به أسماه مؤشر “عكرة الضب”، وبحكم أن صاحبي هذا من المستثمرين الحذرين فقط صبغت هذه الصفة على مؤشر عكرة الضب، فهو مثل الضب حذر وثقيل لا “يطير بالعجة” وحساس للشكمانات، ينتظر ثم ينقض ويعود بسرعة إلى جحره، والشكمانات هنا هي الشائعات والحركات، وهو مؤشر مدبب فيه من طعم العكرة الشيء الكثير، وقنوع مثل ضب، إلا أن هذا المؤشر لم يعد بوصلة حقيقية تدل على اتجاهات السوق في المدى القصير على الأقل، لذلك الكل يرى أن الحذرين يخسرون فرصاً، إنها لعبة تشبه لعبة السلم والثعبان، شيء لا يخطر على البال أن ترتفع الأسعار في مدة بسيطة بالأضعاف، والمنظّرون يحذرون، لهذا قلت لصاحبي مبتدع مؤشر عكرة الضب إن مؤشره لا يصلح للمرحلة، لقد تجاوزه الزمن، نحن نعيش في مرحلة ما بعد 11سبتمبر، وكل شيء تغير، والسوق يشهد منعطفاً حاسماً!، واقترحت عليه مؤشراً آخر يتناسب مع وضع السوق المربك، مؤشر “أم سالم” وأم سالم لمن لا يعرفها طائر بري لا يعرف السكون، لا يقر أبداً، إذا توقف.. حرك ذيله!!، هو في حركة دائمة ولا يمكن التخمين بوجهته فكيف بملاحقته أو جعله دليلاً، ورغم أن المنظرين يحذرون إلا أن البعض يحقق أرباحاً وهذا كاف لإقناع الأغلبية بالركض في نفس الاتجاه، و”يا تلحق يا ما تلحق”، “ولكن لا تنسَ مؤشر أم سالم”، وتذكر أن من يلاحقها إذا بقي فيه عقل، قد يصاب في قلبه.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.