الحذاء الإداري

تزامن عقد ندوة الأخطاء الطبية بالرياض مع حدثين للصحة علاقة مباشرة بهما، الأول اتهم فيه حارس أمن في مستشفى بعنيزة مدير شؤون صحتها بضربه بالحذاء ونقلت «الحياة» عن المحامي تفاصيل، والسبب المعلن للاعتداء أن الحارس منع أخا المدير من الدخول إلى السكن إلا بضمان البطاقة الشخصية، أما الحدث الثاني فكانت محافظة القنفذة مسرحاً له، حيث تم حقن 11 طفلاً بلقاحات منتهية الصلاحية.
كلنا نغضب وننفعل لكن المسافة بين اليد والحذاء… مشوار طويل، واستخدام الحذاء في ثقافتنا له معانٍ لا تغيب عن الفطنة، الواقع يقول إن «العقال». أكثر ليناً وأقرب إلى المتناول، مرونة العقال تسمح بالمناورة في حين أن الحذاء أكثر صلابة، بل يترك آثاراً قد تضرّ عند التحقيق، وغالبيتنا يقدم بطاقته الشخصية لمن يسأل عنها حتى ولو كان متسولاً! لقد تعودنا أن نقدمها لمن يطلب مثلها مثل صورتها أو ظلها، الأصل في إداراتنا لا يكفي، لا بد من ظل لكل أصل، ألسنا في بلاد الشمس المشرقة! أخيراً فقط بدأت وزارة الداخلية تحث على عدم «حفظ» الإثباتات لدى بعض الجهات وما زالت التوعية محدودة، القصد أن تقديم بطاقتك حتى لو كان أخوك المدير أو الوزير أمر عادي لا يقلل من القيمة، صحيح «الود ودك» أن يضرب لك الحارس تحية مع ابتسامة كبيرة لكن «أمر الله أقوى».
يكشف استخدام الحذاء – للتوقيع – حالة التعامل الإداري من فوق إلى تحت، وهو أيضاً يوضح سبب تذمر «اللي تحت» وظهور نتائج تلك الأورام النفسية في تعامل معروف مع المراجعين، هو واحد من حزمة نتائج تردي «إدارة» الخدمات الصحية، الأخطاء الطبية بند من البنود إلا أنها أكثر احمراراً.
حقن 11 طفلاً بلقاحات منتهية الصلاحية لا يحتاج إلى تعليق في زمن ينشر فيه الإعلام عن الحاجة لحماية الطفل ومؤشرات صدور أنظمة، ليس الطفل هو الوحيد المحتاج للحماية، يفترض أن يضاف معه جميع أفراد أسرته، خصوصاً إذا ذهبوا إلى المستشفيات.
في الندوة ظهر أن التعويضات أقل من دول مجاورة مثلها مثل الديات، مع تضخم وارتفاع أسعار كل شيء تقريباً إلا البشر، أم أن العرض من البشر يفوق الطلب، يظهر أن البشر بحاجة إلى «تعطيش» أو تخزين في السوق.
غاب أهل الجودة عن الندوة، أو غيبوا – لأن الإعلام هو الهدف – على رغم أنها قضية جودة نوعية بامتياز، كان الأولى بحث قضايا طب التخدير والتزام فريق العمـــليات بالتــــعليمات وضغوط العمل على الممارسين، وعلاقاتهم المادية بالمستشفيات، إضافة إلى أسلوب «فحصهم» كفاءتهم، وعندما تسمح الصحة لأمين هيئة التخصصات الصحية بعضوية مجالس كليات صحية «خاصة»! فلا بد من أن تقول على «الجودة النوعية» السلام.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليق واحد على الحذاء الإداري

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
    اعجبني العنوان يابو احمد وتذكرت مقالة نشرت قبل حوالي الشهرين او الثلاثة
    في عدة صحف الكترونية كان عنوانها (لغة الحذاء) تحدثت المقالة عن حذاء منتظر
    الزيدي العراقي وحذاء برلسكوني وحذاء الوزير الياباني وهذا اكيد ارسل له بكمبيوتر
    والله اني خائف يسنوا نظام في الشؤون الصحية العقاب بالحذاء .
    الله اكبر كم حذاء سوف نحتاج .. بعدين هذا الحارس الله يهديه نظام ايش هذا
    اللي يطبقه .. الان خليه ينفعه تطبيق النظام .. يدج مع الداجين وخليها سدح مدح
    وخلي النظام عند راعي الفاصوليا .
    استأذن حان موعد الصلاة .

التعليقات مغلقة.