الشريف يتعب

ألاحظ بدايةَ تكيفٍ مع واقع الفساد، أقلها في حجم رد الفعل الرسمي والإعلامي. يدفعني هذا للاستبصار. أتوقع تواري أخبار الفساد في أجهزة حكومية إلى الصفحات الداخلية من صحفنا مستقبلاً. «الحياة» نشرت ملفاً جديداً عن فساد في أمانة جدة وظهر موظف سابق ليتحدث، الشريف خالد بن هزاع كان مديراً للعلاقات العامة في الأمانة، اكتشف فساداً مالياً في مهرجان، بند «الألعاب النارية» أشغله وأشعل قولونه. – في تقديري بند الألعاب النارية من بنود حرق الأموال -. ليطالب مسؤولين في الأمانة بالتحقيق. النتيجة مكافأة العاملين – على الألعاب النارية – بخمسين ألف ريال في حين خصص له 90 ريالاً، لكنه تجاوز الخط الأحمر عندما كتب شكوى للوزير عن تمييز العاملين الأجانب على المواطنين في الأمانة، ليتم الإقصاء والتهميش – طالع «الحياة» يوم السبت الماضي.
أيضاً لا يمكن التسليم بكل ما نقرأ من أخبار أو تصريحات، إنما إذا تأخرت جهات الرقابة في الإيضاح بجلاء يمكن لنا التسليم، يحتمي البعض بأسوار المنشأة! يضيع الدم وسط كبار الموظفين، قبل هذا كشف عن أكل أموال مكافحة حمى الضنك بالباطل ولم يهتم الإعلام بالأمر كما يجب، لتتحول حمى الضنك إلى إنفلونزا عادية، جاءت الأولوية لأمور ثالثوية… لم يعد الفساد مثيراً!
أتوجس من إصابتنا بحمى البلادة والتكيف مع الفساد، حجم النشر زاد والكشف الصحافي تجاوز المعتاد -. إلا أن المواجهة الرادعة – وما يبرد الكبد منها – ضعيف جداً… وخجول. إذا تمعنت في تواريخ ما نشرت «الحياة» تجد أن الفساد في أمانة جدة كان معروفاً مع محاولات فردية لكشفه إلا أنها ذهبت سدى، لتنتج عن هذا بعد تجمع سيوله كارثة سيول جدة.
أبو خالد من حي البغدادية الغربية في جدة يقول إن حيهم كان من أرقى الأحياء وأنظفها حتى رحل جارهم صاحب القصر عنه لتباع أرضه مجزأة، فانحدرت الخدمات وتحول بعوض الضنك إلى أنيس. أبو خالد أطلق على خدمة الطوارئ في أمانة جدة اسم، «إحنا جايين».
محمد يسكن منذ عشرين عاماً في حي في شمال جدة، سمع عن مشروع متعدد الطوابق سيقام في الحي. قدم شكوى للمحافظة أحيلت للأمانة لتنام الشكوى وتم البدء بالمشروع. شاعراً باختناق سأل محمد: «كيف سأحيا» أمام هذا الزحف وصراع الطوابق. الإجابة لدى أمين أمانة جدة، أمين أمانة… يا لها من ثقيلة.
قدمت لنا كارثة جدة على رغم الضحايا والآلام فرصة تاريخية إذا لم ننتهزها لإصلاح حازم وعرضها – كموديل – للفساد بحثاً عن توائم سيامية له… إذا لم، فإن البعوض العملاق سينتشر.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليق واحد على الشريف يتعب

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    اللي انا اعرفه يابو احمد وفهمكم لايعلو عليه انه السيامين يكونوا اثنين .. والفساد
    ليست واحدة ولااثنتين بل ليست ثلاثة اللله يذكره بالخير سامي حداد مع اعلان الريد
    بل هي خمسة وثمانين حالة فساد .. وبالنسبة للتكيف احنا الحمد لله متكيفين تكيف
    مابعده .. وابشرك صار اللي مايرشي ولاينهب صار شاذ ووضعه غريب يقولوا عليه
    درويش والا مجنون والا سبيكة عنده ضاربة .. واحد يقول للثاني باللله تشتغل في الادارة الفلانية
    واتقاعدت وماخرجت الا بهذا البيت المهكع .. والا الثاني يقول بالله انت تركب سيارة زي هذه
    وانت تشتغل في المؤسسة الفلانية ..انا من ناحيتي يابو احمد اقول الاعلام والاقلام النزيهة
    مازالت موجودة والتكيف لم يأتي من لدنها .. التكيف جاء من بطاء متابعة الجهات الرقابية .. هناك
    موضوع نشرته صحيفة الكترونية ذات مصداقية عالية في رأي عن قضية فساد في احد مؤسسات
    الطوافة واسمح لي بنشر الرابط
    http://www.anaween.com/Sectionnewsdetail.aspx?id=6235
    مضى على نشر الموضوع الان مايقارب الخمسة اشهر .. الرجل يقول وعلى لسانه ان لم يسأله
    اي احد ماذا كتب وماذا نشر .. واعتقد انه احلى من كذا تكيف مافيه يابو احمد .
    وشكرا

التعليقات مغلقة.