حاجات الشعوب

قارئ باسم «سوداني غيور» ارسل محتجاً يقول ان هذه الصحيفة «تسعى الى تمزيق السودان بانتهاجها خطاً معادياً وتحريضها على ذلك»، يشير القارئ الكريم الى عدد يوم الاثنين كنموذج، ربما اثارته عناوين تقارير عن الانتخابات ذلك اليوم، مثل «فوضى وتجاوزات في اليوم الاول للانتخابات» او حديث رئيس حركة العدل والمساواة المعارضة في السودان خليل ابراهيم اذ قال: «التجديد لعمر البشير يؤدي الى تمزيق السودان وانفصال الجنوب». بالطبع لـ «الحياة» ادارة تحرير تدافع عنها وشهادتي فيها مجروحة، لكن هذا لا يمنع من الطرح ما دامت الرسالة وصلتني. كلنا في الهم عرب، وأزعم ان العاملين في «الحياة» مثل كل واحد فيكم مهمومون بعالمنا العربي، عالم يعيش نقاط تحول، ربما تزيد من عدد اعضاء الجامعة العربية أو منظمة الامم المتحدة، كان عالماً يحلم بالوحدة ثم قنع بالتماسك ليصبح متماسكاً كتماسك القشطة في اعلانها الشهير.
امامنا العراق في حال جهوزية للتقسيم وخطف نتائج انتخابات يتم حالياً بمباركة من راعي الديموقراطية الاميركية وعمل ايراني جاد، ولكل رجاله، والسودان كما يظهر قاب قوسين او ادنى من الانشطار، وربما – لاحقاً – التشظي اذا ما وضعنا قضية دارفور في الحسبان، وازعم ان لا احد في العالم العربي يقبل بانفصال جنوب السودان عن شماله مثلما لا يرضى احد بتقسيم العراق، لكن هذا من باب العواطف، وهو باب لا قيمة له في السياسة، وذكر ذلك من باب محاولة التشخيص وربما التحذير لا من باب الدعوة و«الخط المعادي». لا يمكن للاجنبي مهما كانت قوته ودهاؤه ان يحقق اهدافه في خلخلة الاستقرار وتقسيم او التأثير داخل دولة ذات سيادة الا بسبب ضعف داخلي تشكو منه، أهم اسباب الضعف الداخلي يكمن في عدم الوفاء بحاجات الشعوب، الاخيرة هي السد المنيع الحامي للاستقلال وللانظمة، لكن تتابع كثرة الاقوال وقلة الافعال يفك اللحام، ولو استقصيت نصيب الفرد العربي من الخطابات السياسية لوجدته الأعلى بين الشعوب، ولو تمعنت في نصيب الفرد العربي من الوعود المستقبلية لاكتشفت انه يحتل المركز الاول بما يثير حسد آخرين شرقاً وغرباً. تعزل انظمة سياسية عربية نفسها وسط دائرة الخاصة فلا تسمع إلا منها، ولا ترى سوى بأعينها ولا تتجاوب الا مع طموحاتها، فحتى لو كان هناك مشروع عام يتحول بقدرة قادر الى مشروع خاص، تصور هذه الدوائر النفعية الخاصة لصاحب القرار ان كل الامور في غاية الكمال، وان الشعب يكاد «يقطع نفسه» من الرضا الى درجة الخطورة على حياته من ارتفاع نسبة «الوناسة»، يسوغ الواقع المائل وكأنه لا مجال لعمل او تغيير إلى الافضل، ويتراكم الصدأ ليأتي مشروع التمزيق من الخارج فيجد امامه لقمة سائغة يتناولها بهدوء مع صبر وثبات، ويكون الرد بالخطابات وتوزيع اتهامات الخيانات. ما حدث في العراق لم يكن وليد الامس او اول من امس وما يحدث في السودان معلن عنه منذ سنين، والسؤال اين كان المدّاحون؟

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليق واحد على حاجات الشعوب

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الغالي ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
    امس افغانستان واليوم العراق وبكرة السودان .. ومازلت اصر يابو احمد ان الوضع له علاقة
    بالفول .. …. سؤال على الماشي يابو احمد حبايبنا الامريكان يأكلوا فول زينا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
    وشكرا

التعليقات مغلقة.