عمي عبدالله وشركة التقسيط

هذه رسالة من شاب لم يتجاوز الثمانية عشر عاما، أضعها أمامكم كما جاءت، ولم أتدخل إلا في تعديلات تناولت حذف بعض الثناء والأسماء:
“مسيك بالخير استاذ عبد العزيز أحب أعرفك بنفسي..
انا (..) توني مخلص الثانوي بالطقاق وعلى العموم مو هذا الموضوع اللي ابيك فيه، الموضوع يتعلق بعمي عبدالله، عمي عبدالله انسان بسيط عمره فوق الـ 45كان يعمل في الشركة (…) للتقسيط الواقع مقرها في (..) بجوار (..) عمي عبدالله يعمل هناك كمعقب او وكيل شرعي الخ من المسميات استمر معهم لمدة 6سنوات خلالها الشيب ملا وجهه، ومافيه مرض ماجاه، الآن بيجرون له عمليه (..)والله يعين ان شاء الله.
على العموم، طلب منه صاحب الشركة الـ…، الاستقالة !بدون سبب معين او ربما هنالك سبب لا اعرفه عمي بحكم معرفته بالنظام والقانون رفض ذلك لانه اذا استقال هو تضيع عليه حقوقه انا عارف اني طولت عليك استاذ عبد العزيز المطلوب منك طال عمرك تسوي زيارة للشركة هاذي وتشوف ربع (…) كيف مالينها ملي والسعوديون يطلب منهم الاستقالة ولك الف شكر طال عمرك .. وعلى فكرة الشركة اسمها (..) ارجو الرد ولك جزيل الشكر”.. انتهت الرسالة.
معروف عن كثير من الشركات قلة الوفاء، هذا في الأعم الغالب، عندما يتم التركيز على شخص يصبح الكل ضده أو على الأقل لا يقترب البقية منه حتى لا تنتقل إليهم العدوى، ويصبح المتنفذون في الشركة جلادين وأوصياء لصاحب الحلال وقد يكون الأخير لا يعلم شيئا عن الحقائق والدسائس فليس له إلا الصورة الأخيرة، والأقرب إليه هو من يستطيع رسم هذه الصورة كما يريد، ربما للشركة أسبابها، لكن لماذا أكل حقوق الناس بأن يضغط عليهم للاستقالة، وإذا رفضوا نقلوا إلى فرع بعيد أو إلى عمل أقل للتطفيش.
نقطة هامة أخرى أشارت لها الرسالة، وهي مافيا الجنسيات، لقد أصبح لبعض الجنسيات، عربية وغير عربية، إقطاعيات وحيازات حسب نوع القطاع الاقتصادي، بل وشبه تضامن بين بعضها، وأصبح النفاذ أو النجاح للموظف السعودي في مثل هذا القطاع أشبه بالمستحيل، فهم أشبه بالمافيا يجهدون ليس إلى عدم نقل الخبرة فقط بل يجتهدون بالمؤامرات والدسائس، ولهم ألف طريقة وطريقة لإرضاء رب العمل واستلاب قلبه، و في أحيان كثيرة نسمع بعد سنوات خبر هروب فلان بالمبلغ الفلاني من الشركة العلانية، أقول لأفراد هذه الجنسيات ممن لا يستطيعون العمل في مناخ صحي وإمكاناتهم الوحيدة هي التضييق على المواطنين أو الموظفين من جنسيات أخرى، أقول لهم إنكم تزرعون شجرة حقد ونقمة كبيرة، هذه الشجرة لا تثمر سوى أشواك مدببة دامية لا يستعصي عليها أي جلد مهما بلغت سماكته، فالحذر الحذر مما تعملون بأيديكم ويؤلب عليكم أفراد المجتمع، وتذكروا أن للمجتمع الذي احتضنكم حقوقاً عليكم أقلها أن تتعاملوا مع أفراده بالحسنى، والحقيقة أن مثل هؤلاء، في أي قطاع أو شركة، لم يستطيعوا التسيد والتأثيـــر إلا بموافقـــــة رب العـمــــل أو تطنيشه وإرخاء أذنيه لكلام معسول.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.