منع وإنقاذ

هناك حملات إعلامية تقوم بها جهات على شكل أخبار أو تحقيقات صحافية وهو أمر طبيعي، تحتاج الصحف في الغالب إلى مادة خاصة أيام إجازة نهاية الأسبوع، حيث تشح الأحداث ويتراجع مؤشر الجهد الصحافي.
من هنا صارت أخبار العلاقات العامة – أي الأخبار المصنوعة – تتكوم أكثر في نهاية الأسبوع، وأصبح كل خبر أو تصريح يعرف بمحرره، فذاك الصحافي هو تابع لتلك الجهة، والآخر يعمل في جهتين، في حين أن الثالث يتعاون مع وكالة دعاية متعاقدة مع جهة ثالثة لتحسين الصورة، وقبل أسابيع أخبرني أحد الصحافيين – وهو غاضب – بمحاولة استمالته من آخر يعمل في صحيفة أخرى، لم يكن الغرض استقطابه للعمل في صحيفة منافسة بل كان المطلوب تحويله إلى كاتب أخبار علاقات عامة، كان العرض كالتالي «نفع واستنفع… لا تعاكس التيار»، بما يعني ذلك عدم النقد.
وتيار تداخل العلاقات العامة مع الصحافة لا شك قوي، لكن – في المقابل – أصبحت أسماء من هذا النوع في الصحافة المحلية محروقة، وما ينشر عن طريقها أو باسمها لم تعد له قيمة أو صدقية، بل أصبح مؤشراً على نوع الإدارة في الوزارة أو المؤسسة! ومن يحرك الخيوط لا يعلم، يعتقد مخطئاً أن هذا الأسلوب مفيد، في حين يستمتع آخرون بالضحك.
وربما يخفى على القارئ أسلوب إعادة طبخ الأخبار على شكل تحقيقات أو تقارير، وهو أسلوب يماثل الزن على الأذن، أيضاً هو يشير إلى عدم اقتناع بأثر النشر أول مرة، من نماذج ذلك ما نشر عن أعمال هيئة التخصصات الصحية، حيث عنونت إحدى الصحف خبراً بالتالي «هيئة التخصصات توقف 16 ألف ممارس صحي»، وبعد أسبوع نشرت صحيفة أخرى موضوعاً أكثر توسّعاً عن تزييف الشهادات بعنوان «إنقاذ مستشفيات المملكة من 162 طبيباً وفنياً مزيفاً»، مع الإشارة إلى جهود هيئة التخصصات الصحية.
ولا غضاضة في ذلك… لو كان دقيقاً. الإشكالية لديّ تكمن في جانب دقة الأخبار المنشورة كيف؟ في مسألة الإيقاف والإنقاذ الصحي، بحسب علمي الهيئة لا تستطيع إيقاف أو منع أحد اللهم إلا من التوقف في مواقفها، هي تقول هذا مؤهل وذاك غير مؤهل وينتهي دورها داخل مبنى الهيئة، وإذا خرج غير المؤهل من باب المبنى يمكن له العودة للعمل في المستشفى أو المستوصف فلا أحد من الهيئة سيلاحقه، لماذا؟ لأن لا علاقة لها بتنفيذ القرارات التي تصدرها، نفذت أو لم تنفذ غير مهم، المهم أنها صدرت ووضعت في إحصاءات تبيّن الإنجازات، أما التنفيذ فهو مسؤولية جهات أخرى تسمى منعاً للإحراج «الجهات الحكومية ذات العلاقة». من هنا نرى أن «إنقاذ ومنع» الآلاف والمئات كبيرة حبتين وفيها استغباء للقارئ.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليق واحد على منع وإنقاذ

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الغالي ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
    لم تمر على صحافتنا استاذنا الكريم ولن تمر اقلام صحفية مثلما مرت على مؤسسات الطوافة
    ومن اسماء لامعه يشهد لها القاصي والداني .. تصدق وتأمن بالله يابو احمد انهم يمروا على
    المؤسسات اخر الليل من اجل يستلموا ظروف المقالات والتي وضعت عليها اسماؤهم من اجل
    انزالها في الصحف التي ينتمون اليها .. المصيبة يابو احمد انهم هم انفسهم تجد فيهم شئ من
    الخجل على امثال هكذا تصرفات لكن السؤال الهام الذي نتمنى طرحه هل المسؤل الاعلى
    بهذه السذاجة ان يعتمد في تقييمه على امثال هكذا مقالات .. الا يعقل ان يكون هناك سلبيات
    الا يعقل ان يكون هناك مخالفات .. قطاعات كثيرة يابو احمد ومنها هذه المؤسسات استحوذت
    على الاعلام في صفقة تلمع وفي تحركات مشبوهة .. كارثة جدة مازالت اثارها تجر ذيولها حتى
    هذه اللحظة .. ومطلوب من الجهات الرقابية ان تتحرك وبفاعلية .. وخليها قاعدة لديكم ابو احمد
    متى مارأيت تلميعا وتفخيما وتمجيدا اعلم ان هناك صفقة مشبوهة تتم خلف الكواليس .
    والله يحفظكم استاذي .

التعليقات مغلقة.