مدينة دون عوائق

مشروع طموح أعلن عنه أمير منطقة الرياض الأمير سلمان بن عبدالعزيز وعززه باتفاقات، «الوصول الشامل»، مشروع يهدف لأن تكون العاصمة أول مدينة صديقة للمعوقين في السعودية من خلال «تطبيق وإقرار المعايير التصميمية للمنشآت العامة والمرافق والطرق ووسائل النقل والمواصلات، ووضع الأسس لبيئة ملائمة خالية من العوائق إلى جانب تخطيط عمراني كاملٍ خالٍ من العوائق وفقاً للمعايير الدولية، من أجل تكوين بيئات تضمن الحاجات الملحة للبعض والراحة الكاملة للجميع في مجال التنقل».
معاناة المعوق مع البيئة المحيطة غير خافية. المعوقون وأهاليهم أكثر من يعرفها، وعندما عملت في جمعية الأطفال المعاقين لمست من قرب تلك المعاناة، خصوصاً مع أطفال صغار من مزدوجي الإعاقة، وقتها اهتم الأمير سلطان بن سلمان رئيس الجمعية بإصدار كتاب يعنى بحاجات المعوق في البيئة المعمارية. أكتب من الذاكرة وأتذكر بساطة احتفاء الإعلام – آنذاك – بالكتاب.
تطويع بيئة العاصمة لتصبح صديقة للمعوق ليس بالمهمة اليسيرة، لكنه طموح نبيل فيه اهتمام بحاجات إخوة لنا وأخوات، ينتظر تضافر الجهود من جهات حكومية وأفراد، هو أحوج الى شعور وإحساس بمعاناة. نحن من بيئة تحب البناء المرتفع والأرض الرفاع، وكثرة الأدراج والسلالم، خوفاً من السيول في ما يبدو، المطر كان مبعثاً للحذر منذ زمن بعيد، وقبل أشهر تابعت معاناة أخ معوق حركياً وهو يبحث عن شقة مناسبة – لابد من دور أرضي – ثم دفع كلفة إضافية لإعادة هندسة المداخل، بموافقة المالك، وقد يخرج منها لأي سبب. في موقف آخر استأجر معوق رجلين ليحملاه مع كرسيه للدور الثالث لمقابلة مسؤول، إذ المصعد لا يتسع للكرسي المتحرك، أيضاً إحدى الأخوات في مدرسة للكفيفات أرسلت تشتكي أوضاع المدرسة غير المناسبة للكفيفات، وللقارئ أن يتخيل.
لا شك في أن أول المعنيين بجعل الرياض صديقة للمعوق هي جهات حكومية؛ الأمانة والبلديات في الطرقات والميادين والمواقف. التعليم في المدارس والجامعات. والمستثمرون في المنازل والمجمعات، صداقة المعوق تعني صداقة الإنسان الذي يبرز ضعفه في الطفولة والشيخوخة. وكنت كتبت قبل فترة عن معاناة معوق تحت عنوان «كسيح»، فهي العلامة الفارقة المدونة في الأوراق الثبوتية، علمت لاحقاً أنه جرى تعديلها إلى «من ذوي الاحتياجات الخاصة» وهذا أمر يبشر بخير.
مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة هو الجهة المطورة للمشروع، وأمير الرياض المؤسس له، بإعلانه عن المشروع سيكون أكبر الداعمين له، ويكفي هذا محركاً بعد توفيق الله تعالى. أمير الرياض الحريص على أوجه العمل الخيري والاجتماعي المتعدد يقود في هذه الخطوة الكبيرة المجتمع لصداقة المعوق صداقة حقيقية، وها هو حلم من أحلام الرجل الخلوق الأمير سلطان بن سلمان سيتحقق وهو حلم لذوي الاحتياجات الخاصة سيدفع بهم أكثر للانطلاق والمشاركة في الحياة العامة.
غالبيتهم لا يريدون تعاطفاً أو شفقة، بل ينشدون الاحترام، وفي صداقة العاصمة للمعوق أبلغ احترام وتأكيد حقوق، ومن الاحترام إحسان المعاملة وتقدير الحاجات. نحن جميعاً مسؤولون عن نجاح هذا المشروع مع كل حركة تشييد.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليقان على مدينة دون عوائق

  1. mona كتب:

    شي رائع
    واتمنى كل المدن تحذو حذوها وتكون صديقة لذوي الاحتياجات الخاصة ..

    فانا كــ واحده من هذه الفئة , اعاني كثيرا من عدم ملائمة غالبية المنشات والمرافق لنا , فانا احمل هما

    عندما اذهب الى مكان لاول مره.. اتسائل كثيرا بداخلي ان كان هذا المكان مناسب لاعاقتي ام به معوقات

    توقعني بالحرج امام الناس ,

    اختي في بريطانيا تقول لي الحياة هناك تناسبك كثيرا فكل شي ميسر وبدون اي عوائق لصالح ذوي

    الاحتياجات الخاصة ..

    اشكرك دكتور لطرح هذا الموضوع الذي زرع في روحي بعض الامل , فربما اجد نفسي يوما اذهب الى اي

    مكان دون ان احمل اي هم بان كان يناسبني ام لا ..

  2. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذنا الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
    والله ياحبيبنا الامير سلمان امير تتمناه كل منطقة وكل مدينة وليس تقليلا بحث الاخرين
    لكن سبحان الله يابو احمد الامير سلمان يفكرنا بالامير احمد في لفترة التي كان موجودا بها
    في مكة المكرمة والله يامشى الدوائر الحكومية على العجين مايتلخبط.
    المهم جزاه الله خير وهذه الفئة كلها في قلوبنا الله يشفيهم ويعافيهم . وشكرا

التعليقات مغلقة.