مع ارتفاع درجة الحرارة نحتاج إلى مثل شعبي جديد يقول: «حط في بطنك قالب ثلج» بدلاً من المثل المصري والبطيخة الصيفي، البطيخ متوافر إنما لا طعم له إلا وهو مبرد، «نأخذها من قاصرها» مباشرة ونضع قالب ثلج… في البطن لأنه بيت الداء، والناس أحوج ما يكونون هذه الأيام في بلادنا الى قوالب الثلج. التوقيت مناسب لعل أحداً لا يذكرنا «بحوستنا» عندما هطلت علينا لدقائق حبات ثلج «برد».
فكّر معي في أوضاع الفقراء مع درجات الحرارة الشاهقة هذه الأيام، ليس كل الناس يملكون مكيفات أو الكافي منها بل والقادر على الصمود، فكّر في سكان الصفيح، لقد «دلعت» المكيفات ألسنتها، فكّر في شحّ المياه وانقطاعات تيار كهرباء، أصبح جهاز التكييف نفسه يحتاج إلى تبريد، وأبرزت درجات الحرارة المرتفعة جودة ورداءة بعض المنتجات، وإذا تأملت في من اختار استيراد هذه البضاعة والجهاز، وكيف اختار ستجد أن تفكيره انصب على تعظيم الأرباح ولو على حساب الجودة والصلاحية للطقس. اضطر الناس للفهم في «الكمبروسر» حجماً وقوة، كانت الـ50 درجة سقف مقاومة – بحسب مصطلحات سوق الأسهم – لكنها هذا العام تحولت الى نقطة دعم! وكأن الشمس اقتربت من سطح أرضنا، ألا ترون أنها اقتربت ومعها عدسة مكبرة فتحولت رؤوس بعضنا إلى «عطبة».
أبرز خصوصيات بلادنا، ارتفاع درجة الحرارة مع جفاف وسحب الغبار، إنها خصوصيات تحتاج الى وضعها في أعلى قائمة الأولويات في درجة الاهتمام الفعال. وحتى لا نقع في فخ الجدل، هل يمكن أو لا يمكن. المراد تحسين التعامل مع واقع نعيشه كل عام اشهراً طويلة ثم نتناساه مع بداية جني محاصيل النخيل. بلادنا تعاني من ارتفاع درجة الحرارة والحاجة قائمة إلى التكيف مع هذا الوضع. «التكييف» وحده لا يكفي. هل هذا ممكن؟ نعم. إذا كانت اليابان – مثلاً – تتعامل مع الزلازل بمبان صممت خصيصاً لامتصاص الهزات، فلماذا لا يمكن التعامل مع ارتفاع درجة الحرارة الموسمي، وأشهر الصيف طويلة والخسائر أو التكلفة الاقتصادية من هذا باهظة.
ما الذي يحدث لدينا، نزيد من عدد محطات توليد الكهرباء التقليدية مع انبعاثات ضارة منها، ونزيد من عدد وحدات التكييف واستيراد السيارات، وإذا أضفت زيادة رقعة الاسفلت وكون الاسمنت هو المادة الوحيدة المسموح بها للبناء والتشييد تعلم أننا لا نقاوم الحرارة بقدر ما نزيد انبعاثها من حولنا او تخزينها. تمعّن في سطح الأرض «المسمت» أو المسفلت من لحظة مغادرة الشمس الى بلاد أخرى، وانظر إلى ما احتفظت به من حرارة تصدر عنها بالتقسيط الى منتصف الليل. بالإمكان فعل الكثير بالعلم والعمل شريطة الإخلاص للمضامين، ما ينفع الناس… كل الناس… أقلها أكبر شريحة من الناس، بعيداً عن الهيام وعشق اللمعة الكذابة تلك الومضة المتلاشية التي يحرص عليها البعض أكثر من حرصهم على ما يمكث في الأرض.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط
استاذنا الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
جزاك الله خير يابو احمد والله الذي تعالت اسماؤه انك صادق .. اول امس شاهدت
احد الجيران جزاه الله خير يصلح مكيف لناس على قد الحال .. والمشكلة انه
المكيف انحرق من تكرار انقطاع الكهرباء ثلاث مرات في اليوم تقول مضاد حيوي
المشكلة الاخرى كنت امزح معاه اقول له قولهم يشتكوا شركة الكهرباء ..
جاوبني وقال : انت فاضي اليوم !!
شكرا يابو احمد
جزاك الله خيرا علي مقالاتك الصادقة…….دائما
اشد علي يديك وآمل منك المزيد بخصوص هذا الموضوع الهام. تعاملنا مع هذا الموضوع يعطي انطباع واضح عن الأولويات في حياتنا وعن مدى مساهمتنا في حل مشاكلنا اليومية وكأننا ننتظر حلا يأتينا من المريخ أم لابد أن تكون الحلول ذات أرقام فلكية حتى يتحرك المعنيون بالحل.
السلام عليكم اخي العزيز أبو أحمد
حقيقة مقالك هذا يدعوني لطرح سؤال بناء على ارتفاع الحراره وبالتالي ارتفاع فاتورة الكهرباء, والسؤال يا اخي العزيز هل من الممكن أن أستخدم مولد كهرباء في المنزل؟ وبالتالي أساعد شركة الكهرباء الموقره في تخفيض الإستهلاك (بما أنها تشتكي من ذلك) أسوة ببعض الشركات وما الذي سيترتب عاي قانونيا في حالة القيام بذلك, أم أن القصد من دعوات شركة الكهرباء لتخفيض الإستهلاك وقت الذروه هو فقط إطفاء بعض الأجهزه مع عدم الإضرار بفاتورتهم المصونه حتى لايصيبها الهزال والضعف, أعلم أخي العزيز أنك لست بمختص في هذا الموضوع ولكن لو تطرقت له قد ينطق من لديه العلم وينيرنا وقد يكون رده شافيا ويحمل الأمل لبعض المواطنين الذين تصل فواتيرهم في الصيف إلى الأربعة آلاف ريال وهم كثر.
ماذا لو تم استغلال هالطاقه الشمسىه القويه لتشغيل المولدات الكهربائيه بدون اي اضرار وسوف تساعد في تقليل مصاريف الفاتوره