نستحق عن جدارة وسام الفشل من الدرجة الأولى، أكبر مؤهلاتنا للحصول على هذا المركز فشل كبير نعيشه منذ عقود ولم نفعل أمامه شيئا يذكر، رغم كثرة ما تحدثنا ونظرنا واجتمعنا، لم يعد التهور المروري في سائقينا فقط بل وفي جمالنا، بعاريننا أيضا مصابة بالتهور واللامبالاة، كأنها تنتقم من السيارات، لا يمكن إحصاء عدد الذين قتلوا أو أعيقوا بسبب الجمال السائبة، ومنذ وعيت على الكتابة وأنا أقرأ عن الحلول، من أحزمة عاكسة إلى بول الذئاب، أعزكم الله، دراسات في دراسات، والمقابر تمتلئ والبشر يقتلون ولم نفعل شيئا يستحق ، أبدا، الجمعة قبل الماضية نشرت هذه الجريدة عن إصابة 13من عائلة واحدة في حادث مروري بسبب جمل سائب، وقبله حادثة رجال الأمن الذين توفي أحدهم وأقعد الأخر، وغيرها كثير. هنا نقدم لكم الدماء الطازجة بالجملة.
قضية الجمال السائبة وصلت لهيئة كبار العلماء وصدرت فيها فتاوى و قرارات ونظم، ولم يحصل تقدم يذكر، لا زالت الجمال تتسكع و تتسيب، والسائب في الحقيقة هم أصحابها الذين يفتقرون للكياسة، و لا يخافون من الله تعالى عندما يطلقون إبلهم من عقالها لتلغ في دماء البشر، يجب أن نستحي من عدم حل هذه المشكلة القديمة وإيقاف أصحاب الأبل السائبة عند حدهم، لماذا يتسيد الجمل السائب الطرق ،هل لأن الأمور سائبة!، هذا وهو مستأنس وله صاحب ،.. كيف لو كان متوحشا؟ ماذا كان سيحصل لنا؟، إن القيادة في بعض طرقنا ليلا أشبه بالمقامرة، والسبب هرش سائب، هذا السائب أورد كثيرا منا المصائب، كان الأولى بالسائب أن “يكيس”، ويقدم لحمه للفقراء، ولو سمعنا مر ة عن عقاب صارم لاصحاب جمل سائب لما تكررت هذه الحوادث المريعة، التي تشير إلى أننا متخلفون في الحفاظ على حياة بعضنا البعض، تفجعنا الحوادث في وقتها ثم تتبخر في دهاليز اللجان والاستشارات والقرارات التي تصدر ولا تطبق .
الجمال السائبة واحدة من أسباب الحوادث، لكنها ليست الوحيدة، قبل فترة كتب لي قارئ كريم كان في سياحة داخلية مع عائلته،رسالة طويلة تفيض أسى وألما، كان في رحلة العودة إلى المنطقة الشرقية قادما من الطائف وفي منطقة تبعد عن الرياض 400كم اسمها الخاصرة، صادف وصوله بعد قليل من وقوع حادث مروري..”مروع” لعائلة، الساعة الحادية عشرة ليلا، بوصفه نقلني الأخ الكريم فوزي ال مقبل إلى وسط الحادث المؤلم شاهدت معه ماحصل لخمسة أطفال من بنين وبنات الذين قام من توقف من السائقين بجمعهم بدمائهم في “وانيت”، تطوعا لنقلهم، فلم يصل إٍسعاف ولا أمن طرق في الوقت المناسب، جثة الأب المتوفي، والأم التي لحقته بعد وقت قصير ، حرارة الرسالة جمدت أصابعي فلم أستطع الكتابة عنها في وقتها، سمعت من حروف رسالته أصوات الاستغاثة والصراخ، وشاهدت معه سيارة الجيب الحمراء العسكرية التي لم تقدم شيئا لأنها في مهمة رسمية!!، الحادث وقع يوم 2003/8/30، تألمت مع كل شاهد عيان للحادث، ولكني أعلم أن الإسعاف و أمن الطرق سيتحججون بالإمكانيات ، والنشر سيحرك إدارات النشر في الجهات المعنية..فقط، وسيقال قضاء وقدر في تسطيح لحقيقة الايمان، أيضا عدم إيقاف الجمال السائبة عند حدها سيعزى إلى البند وعدم توفر الإمكانيات، لكن هذه الأخيرة، ما شاء الله تبارك الله، تهطل بغزارة عندما يكون هناك حفل أو مؤتمر أو منتدى.
الا نستحق مع الخسائر الكبيرة، وسام الفشل من الدرجة الأولى، ثم هل لنا الحق في القول ان الإنسان هو الثروة الحقيقية لهذا الوطن!؟، ونحن نفقد كل عام أكثر مما يفقد البعض في الحروب، أم أنها ثروة سائبة مثل جمالنا السائبة؟.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط