خفّتْ موجة الاهتمام – الإعلامية – بالمسؤولية الاجتماعية للشركات، وتركزت خلال تلك الفترة الموقتة على تبرعات تقدمها الشركات، ومن الأمور الجوهرية التي غابت، مسؤولية شركات عن واقع متردي اقتصادي أو اجتماعي وأيضاً يشمل البيئة، هذه المسؤولية ناتجة من أعمال تلك الشركات وأسلوبها، حكومية كانت أم يتملك القطاع الخاص جزء منها، والقصد أساليب العمل والإنتاج وحصد المال، ومقدار الضرر الناتج من ذلك حتى لو لم يتم رصده بالأرقام، لأن دفع الضرر مقدم على جلب المنفعة.
لا يقنع أحداً أن يساق أفراد المجتمع إلى مستنقع النهم الاستهلاكي بالضغوط الترويجية ثم التبرع بحفنة بسيطة من المال، أو تجميل وتزيين الاقتراض الاستهلاكي المدمر لأفراد المجتمع ثم التبرع برعاية حملة اجتماعية مدتها يوم ونصف اليوم، النتائج السلبية لكل هذا ستقع أعباء مكافحة آثارها مستقبلاً على جهات حكومية وهي أعباء تتراكم، منها وأهمها تحطيم الوعي الاستهلاكي والادخاري للمواطن، و»تقزيم» قيمة الإنتاج والترشيد، وإذا تأملت واقعنا تعلم إننا «نحن السوق»، وهي سوق شبه مستباحة، فالإعلان في كل مكان يضخ في اتجاه واحد بكل أسلوب ممكن من دون رقيب أو حسيب، أما الحقوق فهي الغائبة، انظر إلى حقوق المستخدمين للاتصالات أو عملاء البنوك وغيرهم، بل انظر إلى المتضررين من تلويث البيئة، لقد صدمت حقاً عندما لم تلتفت لا هيئة الأرصاد و»حماية البيئة»، ولا وزارة النقل لانتهاكات بعض شركات ومقاولين لحقوق الأرض عندما دفنت برك الإسفلت في البراري وما نتج من ذلك من أضرار وما سينتج لاحقاً في مسلسل بحيرات الإسفلت المخفية، يمكن لك تخيل وضعها الآن مع ارتفاع درجة الحرارة الناري، كما أن تضرر بعض سكان مهد الذهب وغيرها من أعمال مناجم واستخراج ليس عنا ببعيد. كيف يمكن لجهات إقناع الناس بعدم رمي المخلفات في الصحراء وأطراف المدن، وهي لا تفعل شيئاً أمام هذا.
وفي الدفع المتسارع للاستهلاك تمتلئ الشوارع بأوراق ومطويات الإعلانات التجارية لأسواق ومجمعات وغيرها، على رغم صدور قرار بمنع ذلك خاصة على أبواب المنازل، والأمانات التي يخصص من موازناتها أموالاً طائلة للنظافة لا تحرك ساكناً، في حين تطبق الغرامة – كما يعلن – على رمي النفايات من السيارات! ما هذا التناقض؟ فهل التخصص محصور في ملاحقة الأفراد لا غير.
إن المسؤولية الاجتماعية أشمل وأعمق من الدفع والمشاركة في فعاليات، الأساس إبعاد الأذى أولاً لتقليل الأضرار قبل الشروع في أعمال إيجابية إضافية، وهذا لن يحدث إذا ترك الحبل على الغارب كما يحدث الآن. النتيجة إن بحيرة الإسفلت المغطاة بطبقة رقيقة من الرمال ستكبر بيئياً واقتصادياً واجتماعياً.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط
استاذي الغالي ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
سامحني استاذي وهذا سبب زيادة البترول كل مانرمي قمائم ومخلفات
كل مايزيد البترول . يالله ان شاء الله البلدية تسمع ويصدقوا ويروحوا
يرموا القمامة كلها في الصحراء .
شكرا استاذنا