الورشة.. الصحية

هل يحق لنا أن نحتفل ونبتهج “إعلامياً” ببعض العمليات الجراحية النادرة، وأحوال المنظومة الصحية العامة دون درجة المقبول؟، ليس في نيتي التقليل من عمل أحد، على الإطلاق بل لهم حق الإشادة والثناء، هي حالة حولت إليهم وتعاملوا معها بنجاح، لكن التطلع أن تحصل مثل هذه العمليات النادرة نتيجة لتطور حقيقي للجهاز الصحي بمختلف مستشفياته بل قل جزره المعزولة عن بعضها البعض وان تتاح الاستفادة من هذا التطور لجميع المواطنين.
أما “الورشة” فهو الاسم الذي يطلقه أهالي الأفلاج على مستشفاهم العام، أو على قسم الطوارئ فيه، هذا ما أخبرني به أحد المواطنين الكرام، هنا مقتطفات من رسالتين منه مع بعض التصرف.
ظهيرة يوم الخميس 1424/8/13هـ اشتكت أم مفلح من آلام حادة أسفل البطن فذهب بها إلى مستشفى الأفلاج العام تم الكشف عليها من قبل عدة أطباء، واستدعي الجراح المناوب فرفض المجيء بحجة أن هذا ليس من اختصاصه، بعد عدة ساعات حضر الجراح وأخذ يتذمر من المستشفى “محدش فاهم شغله.. اشتكوا يا ناس..”، طلب مغادرة المريضة المستشفى بعدما كتب عدة وصفات طبية منها مضاد حيوي، وتحليل للبول، أعزكم الله، قال الطبيب “أنا عايز بول الصبح مش أي بول”!، بعد أن خرج علقت الممرضة “مخ مافيه هذا دكتور.. كيف مزرعة بول وفي أكل مضاد حيوي.. لازم الحين ياخذ عينة”!، يقول المواطن بعدها علمت أن هذا الجراح نشر عنه خبر قبل شهر عن إجرائه عملية لمقيم للبحث عن الزائدة ولم يجدها!، ثم يصف تردي مستوى نظافة المستشفى في الممرات والجدران، وينقل عن قريب لمريض منوم عن الفئران التي تنام معهم، قلت لعلها “فئران” صديقة!.
القصة لم تنته عزيزي القارئ، فبعد خروج المريضة عاودتها الالام، تصور والدتك تتألم!، هنا قرر المواطن إحضارها للرياض “كغيرنا من أهل الأفلاج، فوجود هذا المستشفى كعدمه”، ولأنه من منسوبي الأمن العام فهو محظوظ،.. لديه مستشفى قوى الأمن الداخلي، هكذا تتوقعون، وصل المواطن بوالدته إلى الطوارئ بمستشفى قوى الأمن الداخلي فجر الجمعة، فحصت وأعطيت مغذيات وخرجت في العاشرة من صباح الجمعة، لكن الآلام استمرت فعاد بها لنفس المستشفى صباح السبت 1424/8/15، جرى تنويمها على الفور، سمح لها الأطباء بالخروج يوم الثلاثاء قالوا إن الوضع مطمئن ولا يدعو للقلق المهم الاستمرار على العلاج، مساء اليوم نفسه عادت الآلام للأم المسكينة، ذهب بها هذه المرة إلى مركز خاص مشهور قالت الطبيبة “دي الوالدة تعبانه أوي.. بحاجة لتنويم”، خرج بها ابنها لمستشفى خاص مشهور أيضا، بعد أن وصل إلى قناعة، مساء الأربعاء في قسم الطوارئ للمستشفى الخاص، بعد التحاليل والأشعة، قرر الأطباء على الفور وجود ثقوب بالأمعاء وحاجة لعملية عاجلة لاستكشاف البطن وهي عملية محفوفة بالمخاطر، ولكن وماذا يعمل مفلح وقع على كل الأوراق يقول في رسالته “هل لدي خيار آخر، توكلت على الله ووقعت على كل ما يريدون، اه يا أخي عبدالعزيز..، لو رأيت وداعنا للوالدة قبل دخول غرفة العمليات، كان مشهدا مؤثرا للغاية..، كأننا نلقي عليها النظرة الأخيرة.. لك أن تتخيل الموقف بما يحمله من ألم”.
في الحقيقة لم أكن هناك، لكن صادف أن اتصلت بجواله بعد دخولها بلحظات كنت أستفسر عن بعض ما ورد في رسالته الأولى، كان في وضع صعب، وقلقت معه، لكن الكريم المنان سلم ونجحت العملية فله سبحانه الحمد والشكر ثم للمخلصين من الطاقم الطبي، اكتشف الأطباء انفجار الزائدة، وبقيت المريضة في العناية أربعة أيام.
قصة أم مفلح لابد أنها تتكرر ولكنها لا تنقل على الهواء مباشرة، وقد تتعثر ولا تصل للصحف، ثم هل يستطيع كل مواطن تحمل التكاليف الباهظة للمستشفيات الخاصة، وما هي فائدة هذه المستشفيات التي لا تستطيع أكتشاف زائدة ونحن نفصل الأطفال السياميين بنجاح!، ويطالب المواطن مفلح وأنا معه بالتحقيق في هذه الإخفاقات الطبية سواء في مستشفى قوى الأمن الداخلي أو في المستشفى.. الورشة. ألا يكفي الأفلاج عيونها المصابة بالجفاف ولم يفكر بدراستها أحد؟.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.