سمعة وطن

أغلق الفندق الذي شهد مقتل الفتاة الجزائرية أبوابه «للصيانة»، والعبارة غالباً ما تستخدم مع «لتحسينات الديكور». في قضايا عدة، عندما يغلق مطعم أو مستوصف بسبب مخالفات يتم وضع مثل هذه اللوحات وتجرى لعبة القط والفار بين الجهة الرسمية وصاحب العلاقة. وفي قضية مكة المكرمة لم تتضح الصورة النهائية بعد، لكن الملابسات تشير إلى مسألة مهمة بالغة الضرر بالمعتمرين والحجاج وقبلهم بسمعة البلاد والوطن.
الجهود الكبيرة التي تقدمها السعودية من تحسين وتطوير للبقاع المقدسة أمر مشهود، بل متفوق. أي منصف يشاهد ويقدر هذه الجهود المتتابعة بلا كلل أو ملل. الأرقام والشواهد حاضرة هنا، إنما هذه الجهود المبذولة والمحسوبة قد تضيع بسبب ظاهرة معروفة وهي استغفال الحجاج والمعتمرين من فئات عدة. يتنوع الاستغفال والتغرير، غالبية الحجاج والمعتمرين غرباء عن مكة المكرمة والمدينة المنورة وبعض منهم يقع فريسة للنصابين، وضبط هذه المسألة قد لا يكون بالأمر اليسير، خصوصاً في بقاع تستقبل مختلف الجنسيات واللغات والثقافات. لكن هناك أموراً واضحة، مثل صحة الاستثمارات في الفنادق والقائمين عليها وحقيقة أوضاع العاملين فيها، وكذلك وسائل النقل المتاحة، فهذه المفاصل إذا تلوثت بالدخلاء وتم التراخي في المواجهة أضرت بسمعة البلاد وحققت نتائج سلبية تضيع نتيجتها استثمارات ضخمة وجهود على أعلى مستوى، ويحسب هذا على السعودية والسعوديين سواء كانوا طرفاً فيه أم لم يكونوا.
مكة المكرمة والمدينة المنورة واجهة للبلاد أمام المسلمين، وهي النموذج الأول الذي يراه الحاج والمعتمر ويتعامل معه، ومنه ستترسخ الصورة الذهنية عن البلاد سلباً أو إيجاباً. جانب آخر ربما لا يعجب المستثمرين وهو الحاجة لإعادة النظر في فتح أبواب العمرة طوال السنة، لبحث النتائج السلبية والإيجابية. مقارنة العائد بالتكلفة اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً، خصوصاً وقضايا التكـدّس والافـتراش والتـخلّف عن السفر ما زالت قائمة، وقد قرأت تصريحاً في صحيفة «الرياض» لوكيل وزارة السياحة المصرية علق فيه على هروب معتمرين مصريين داخل مكة المكرمة وذكر أن لجان الوزارة استطاعت استعادة عدد منهم، ولست أعلم هل يقصد لجاناً من وزارة السياحة المصرية أم من هيئة السياحة السعودية؟! وبحسب الأرقام في الخبر فإن الثلث هربوا إما لغرض البحث عن عمل أو الانتظار لأداء الحج… وبيع مسابح.
***
قضية سفاح الخادمات في ينبع تكشف نتائج تراخي مواجهة التسوّل، ليتحوّل إلى واجهة لأمور أخطر، «ضياع الطاسة» في ملاحقة المتاجرين بالتسوّل والتحفظ عليهم، أنتج تضامناً قاتلاً مع مزيفي أوراق ثبوتية، ليظهر سفاح ينبع. وبعد مواسم رمضان والحج ينتشر المتسولون في مختلف مدن المملكة ويمكن ملاحظة فئات منهم لا تشاهد سوى في مكة المكرمة وقد ساحوا في مدن أخرى. الأمر الثاني الذي أثارته قضية سفاح ينبع، هو مسألة التهاون في ظاهرة هروب الخادمات.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليقان على سمعة وطن

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذنا الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
    الله يبيض وجه من كتب استاذي . فتح باب العمرة طوال العام فيه جوانب سلبية
    اكثر منها ايجابية .. صحيح انها فرصة لهوامير العمرة لكن الاثار السلبية وسط
    عدم التزام الكثير ونظرة على مطار جدة تكفي والله شئ مخجل وشكرا .

  2. ماجد الرحيمي كتب:

    مسـاء الخيـر

    أستاذي ابو أحمد، بالنسبة لما يخص هروب العمتمرين بعد القدوم للمملكة بداعي البحث عن عمل أو انتظار الحج أهم سبب لها ذكرت في مقال سابق لك أن الجوازات لا تتبق البصمة على من قدم للعمرة، ليش نحاجهم وأحنا مقصرين لكن أبذكر بعض الحلول:
    1) يطبق نظام البصمة على كل من دخل وطننا الغالي سواء للعمرة أو للعمل.

    2) في حال قدوم شخص للعمرة ثم لم يغادر في الوقت المحدد تطبق على عقوبة وهي عدم دخلوا المملكة لمدة تزيد عن العشر سنوات.

    3) تلتزم كل دولة بإعادة مواطنيها، لإنه من الصعب ان تعمل المملكة وحدها.

    4) أي دولة لا يعود كامل مواطنيها تقلص التأشيرات الممنوحة لها كل عام، وأيضا تقلص فيز العمل لهذه الدولة، حتى يكون هناك تعاون بين الجهات الحكومية.

    5) عقوبة رادعة على كل من يقوم بتوظيف المتخلفين بغرامة عن كل عامل 50 ألف ريال سعودي والسجن سنة كاملة ويمنع من الاستقدام مدة سنتين.

التعليقات مغلقة.