استغاثة أم في حي الفوطة

أرجو ألا تذهب استغاثة الأم التي هدم السيل منزلها أدراج الرياح وسط مدينة الرياض ومن ضمن أحياء تضرر حي الفوطة الطيني من الأمطار، وينقل لنا الزميل بندر الناصر ضمن تغطية متميزة لهذه الجريدة، ينقل قصة أم لسبع بنات وابن واحد، هذه الأسرة تسكن منزلاً شعبياً في حي الفوطة قدمته لهم فاعلة خير، سقط المنزل ونجت الأسرة بحمد الله، تعيش هذه الأسرة على راتب تقاعدي بسيط كما ورد في الجريدة، “وتضيف الأم وهي تحمد الله على أن نجا أبناؤها من سقوط هذا المنزل ليس لدينا دخل إلا المرتب الشهري التقاعدي لوالدنا وهو “الفا ريال فقط” لا تفي لنا بتأمين مستلزمات الحياة. فالابن لا يدرس ولا يعمل.. ولم تستطع الأم أن تكمل حديثها وبدأت بالبكاء الشديد”، الرجاء بالله أولاً وأخيراً ولعل زميلنا بندر الناصر يواصل متابعة قصة هذه الأم حيث أمام زحمة الأخبار تتبخر حالات محتاجة وقد تضيع ولا يلتفت لها، وفي نفس الصفحة قال بعض السكان إنهم في الليل يعيشون حالة من القلق كلما أمطرت خوفاً من سقوط منازلهم على رؤوسهم.
نريد أن نقرأ ونسمع أخبار جهود الجمعيات الخيرية في مساعدة هؤلاء، نريد أن نلمس اثر عمل اللجان التي شكلت، مثل هذه الحالات لا تحتمل بيروقراطية واجتماعات لجان، نحن نتحدث عن بشر في العراء والبرد، قد يأويهم الجيران لفترة قصيرة وقد لا يحصلون على مثل هذه الميزة، أرجو ألا تحال هذه الحالة وأمثالها على صندوق الفقر، فهذا الأخير لا زال في اجتماعه السادس عشر!.
قدم السيل الغزير جردة حساب، تعرت أجهزة وبلديات، حتى الهاتف تلخبط وتشابكت خطوطه، تحولت أرقام أناس إلى آخرين، وأصبحت كل جهة ترمي بالمسؤولية على الأخرى فيما قنع البعض بالصمت، والسؤال الذي يهطل هو: هل نستفيد من هذه الأخطاء والتجاوزات؟.. إن عدم الاستفادة وإصلاح الأوضاع بصورة تضمن عدم تكرارها هو إعلان عن مسابقة للاستمرار على ذاك النهج المائل، وبالتالي نتوقع مستقبلاً مترعاً جداً بمثل ما حدث والفارق أنه سيكون أشد وأقسى.
لابد أن السيل الغزير قد نشهط ذاكرة كل من وقع عقداً لم ينفذ كما يجب بتوقيعه، وتذكر لحظة الختم كل من دبج الأختام على المخططات إيذاناً بسلامتها والسماح ببيعها، وكل من استلم ومرر مشروعاً ناقصاً مغشوشاً، كل هؤلاء قام السيل بتعريتهم أمام الناس، لابد أنهم يشعرون بذلك ولا يفارق ضمائرهم.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الاقتصادية. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.