غرفة «الصفيح» الوطنية!

ذكّرني اللقاء الأخير لوزير العمل السعودي في غرفة تجارة جدة بلقاء مثير قبل سنوات بين الوزير السابق الدكتور غازي القصيبي (رحمه الله تعالى) ورجال الأعمال في الرياض. كان القصيبي حازماً وقابله رجال الأعمال بمستويين من الرد، بعضهم هدد بتهجير رؤوس أموالهم (نسبة مهمة منها هي نتاج لقروض حكومية وتشجيع) في حين التزم آخرون الصمت. وعلى رغم أن لقاء الوزير عادل فقيه مع غرفة تجار جدة أخذ مساراً مختلفاً، حاول فيه الوزير التحصن كونه لا يزال «وزيراً متدرباً»، ولم يكشف عن مدة الدورة التدريبية وهل هي معتمدة «تراني امزح»، إلا أنه يمكن القول مما نشر أن لا تطور يذكر على مشهد البطالة.
يعتمد رجال الأعمال ممثلين بالغرف التجارية على مبدأ خذ وطالب، وبحكم خصوصيتنا أصبح «خذ ثم خذ وأكثر من الشكوى والمطالبة»، وتوزعت الأدوار، الأستاذ صالح كامل بعد تأكيده أن «الاستقدام ضرورة لا ترف»، فتح ملف الفساد وأعطى الصحف ما تريد «أفاعٍ وعقارب» وأنا معه في مواجهة كل أنواع الأفاعي من «أم جنيب إلى الكوابرا»، لكننا لا نرى دوراً يذكر للغرف ومجلسها في مواجهة أفاعٍ وعقارب ترفع الأسعار وتحتكر وتجفف المعروض من السلع وتستغل كل أزمة. رد الوزير على فتح ملف الفساد بالوزارة بما معناه «الوزارة عود من عرض حزمة»، وهنا لا بد من نقطة نظام، إذ يتكرر مثل هذا الرد من مسؤولين عند الحديث عن الفساد، وشخصياً لم أستطع فهم رد على مواجهة الفساد بمثل هذا الاستسلام، خصوصاً ورئيس مجلس الغرف يعلن أنه اضطر لدفع رشاوى للتأشيرات، مثل هذا الرد السلبي كلما طرحت قضية الفساد لا يشير إلى عزيمة على المواجهة.
قلت إن الأدوار توزعت فاستلم مجلس الغرف مهمة المطالبة بتسهيل الاستقدام والوزير رجل الأعمال أصبح يحمل هم البطالة ومن الوفاء للزميل – في هذه اللحظة على الأقل – حمل الهم معه ولو إعلامياً، في حين أبدى رئيس غرفة الرياض اهتماماً خاصاً بالعمالة المنزلية!
ولفت انتباهي ما أوردته بعض الصحف، فالوزير حضر «كرجل أعمال لا كوزير للعمل»، ولعلها مناسبة أن يعاد النظر في منع الموظفين الحكوميين من العمل في التجارة. ويفتح ملف البطالة وهل أصبحت فرصة استثمارية للقطاع الخاص من خلال «استثمار» دعم الصناديق.
الزبدة من المنشور عن اللقاء هي أن الغرف التجارية لم تتغير على رغم تفاقم المشكلة وأخطارها، وهي لا تفكر سوى بمصالح التجار وهذا من حقهم، لكن من الواجب أن يكون هناك من يفكر في المصلحة العامة، مصالح الفئات الأخرى للمجتمع، فلا يعرف بمن سليتقي الوزير لمعرفة أوضاع العاطلين وأسرهم ولا المسرّحين وما يعانون عندما يتقدمون بطلبات العمل، فلا غرفة لهم يحتمون بسقفها تدافع عنهم ولا حتى صندقة صفيح.
هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليقان على غرفة «الصفيح» الوطنية!

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذنا الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
    بالنسبة لاخونا وزير العمل الجديد اجيب لك هيا من الاخر اذا طبق
    النظام ماراح ينجح واذا ماطبق النظام ماراح ينجح يابو احمد فاحسن
    له واحسن لنا كمان يرخص لنا جوالين زيت صافولا جزاه الله
    خير وشكرا له جزاه الله خير ان اكتشف ان فيه فساد في وزارة
    العمل بس كنا نبغى نسأل سؤال يابو احمد اذا سمحت لنا احنا
    عارفين انه فيه فساد وفساد سبعة نجوم كيف سيتم تطويره عفوا
    تدميره اما تطوير الفساد هذه مشكلة .. سامحنا يابو احمد من
    غلبنا شكرا جزاك الله خير .. صرحوا صرحوا وملوها تصاريح
    بكرة فيه اخرة .

  2. ابو متعب كتب:

    الاستاذ عبد العزيز
    وزير العمل العيون عليه من تجار و مواطنين – تحت الاختبار- ولا اعتقد ان وزارة العمل قادرة على تحقيق نجاحات تصب في صالح السعودة والبطالة والسبب يعود الى قوة ونفوذ الطرف الاخر رجال الاعمال (التجار) وغرفتهم.
    اضافة :
    لي تجربة عمل خارج المملكة في نفس مجال عملي الحالي مكنتني من معرفة الكثير وعلى سبيل المثال انه يوجد لدينا في السعودية هوامش ارباح خيالية لا تشاهد في الاسواق الناضجه او الاسواق الناشئة ( الا ي حدود بسيطة جدا جدا ناتجة عن براءات اختراع او ما شابه ذلك وليس وكالات حصرية ) وهذا دليل على وجود فرص استثمار ودخل للمواطن( قبل المستثمر الاجنبي الذي لا يضيف اي شي يذكر للاقتصاد الوطني او الاجتماعي سوى 100 الف ريال او اكثر من ذلك لاستخراج الرخصة ولسنا في حاجة لهذا المال) لتنمية وتحسين مستوى المعيشة والصحة والتعليم للمواطن . لكن لا يمكن استقطاع جزي يسير من هذا الهامش الربحي الضخم لعوائق كثيرة يطول الحديث عنها مجملها نتجت عن نفوذ التجار وقدرتهم على الوصول الى الجهات التنظيمية وحتى التشريعية لحماية مصالحهم من خلال ابواب كثيرة على سبيل المثال الغرفة التجارية القلم الموجه وهذا داء خطير

    تحياتي

التعليقات مغلقة.