أحمد الله تعالى أنني لست أمريكياً،لا بالأصل ولا بالتجنس، ولا بالعلاقات العامة، ولا حتى بكتابة “الانطباعات” تطوعا أو تقربا بمكافأة مقطوعة أو مستمرة .
الأصل لم يكن متاحا لي لأسباب لا تخفى عنكم ، لكن التجنس لم يكن صعب المنال، وكتابة “الانطباعات” تعرض استماراتها للبيع في حفلات الاستقبال ، كل ذلك كان متاحا مثلما أتيح للبعض ممن تجنسوا بالجواز أو الزواج الفكري، السبب في حمد الله تعالى الذي يحمد في كل حال ولا يحمد على مكروه سواه ، السبب هو اعتقادي أن الأمريكي الذي يفخر بانتمائه لدولة عظمى تقول إنها تقود العالم، تصول وتجول في أرجاء المعمورة، تحدد الصواب من الخطأ، الشرير من الطيب، الإرهابي من داعية للسلام، الشرعي وغير الشرعي، هذا الأمريكي لابد أنه في مرة من المرات قد شعر بالخجل من علاقة حكومته الخاصة بالدولة الصهيونية.
وأحمد الله تعالى أنني لست سفيراً للولايات المتحدة الأمريكية في أي بلد حتى ولو كان بعيدا عن وسائل الإعلام مثل كوكب المريخ أو زحل، والسبب أنه ربما في حفل ما أو مناسبة قد يطرح علي سؤال عن سبب خضوع سياسة دولتنا العظمى لمصالح إسرائيل الصغرى، ولا أعرف كيف الإجابة، وسأشعر بالضعف والوهن وأنا ممثل للدولة العظمى التي تحكم العالم ، سأكون في حالة قلق دائم من سؤال يستقر على طرف كل لسان يقول، من يحكم بلادكم هل هو جورج بوش الابن أم شارون الأب؟.
وأحمد الله عز وجل أنني لست مبعوثا أمريكيا لا متجولا ولا “متسدحا” ، لملاحقة أية قضية، سواء كانت خفض ديون أو إغراء بعقود إعمار، أو تركيع وابتزاز دولة ما، لأنني لن أستطيع الإجابة عن علاقة حكومتي الأمريكية الخاصة والمريبة بدولة شارون، لن أتمكن من الإجابة على أسئلة من هذا النوع، وأنا محتفظ بكامل كرامتي ومن ورائي كرامة دولة عظمى تتسيد المعمورة وكرامة عشرات الملايين من الطيبين الفخورين بكونهم أمريكيين.
لن أستطيع الإجابة على أسئلة من عيار،
هل أمريكا دولة مستقلة بالفعل؟، ومن يقود الفيل والحمار؟، لن أستطيع مهما كان في جعبتي من ثراء دبلوماسي الرد على مثل هذه الأسئلة، كما أنني لو كنت أمريكياً لما أستطعت الإجابة على أسباب تراجعات القرارات الامريكية المنتقدة لإسرائيل قبل أن يجف حبرها، لن أتمكن من الرد على إهمال البيت الأبيض لمواطنين أمريكيين منهم شابة قتلتها بوحشية الجرافات الإسرائيلية في حين تهتز أركان هذا البيت إذا ما أصيب إسرائيلي بخدش، ويعلو صراخه لأجل مسلسل تلفزيوني بسيط.
لن أتمكن من تبرير الحرب على الإرهاب وجنودي يزرعون الإرهاب في العراق لا يفرقون بين المقاتل والنساء والأطفال وحكومتي لا تتغاضى عنه في فلسطين بل تضع له المسوغات .
لن أنجح في إقناع العالم برسالة السلام والديموقراطية وحقوق الإنسان التي تروج لها حكومتي بلسانها وتمارس نقيضها، لن أستطيع إقناع أحد كيف تطالب حكومتي بمحاكمة مجرمي الحرب وتستصدر قراراً بحصانة جنودها من مثل هذه المحاكمات، وتضغط قبل ذلك لإجهاض محاكمة مجرم حرب اسمه شارون.
لكل هذا ولكثير غيره أحمد الله تعالى أنني لست أمريكياً، ولا يقلل هذا من احترامي للشعب الأمريكي الطيب المسكين الذي ترتكب هذه الفظائع باسمه، الشعب الذي ينتظر منه العالم أجمع أن يقول كلمته.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط