سيبقى في الذاكرة

بالنسبة للصحافيين ربما تكون مرحلة تولي الدكتور محمد عبده يماني لوزارة الإعلام فترة مختلفة، قلت – ربما – لأني لم أعايش تلك الفترة بصورة عميقة ،إذ كنت وقتها متعاوناً مع الصحافة «من بعيد»، لكني لحقت بالصدى والأثر الايجابي الذي تركه – في الوسط الصحافي – خلال سنوات عمله في الوزارة، كان الرجل ميسراً للأمور متفهماً لدور الصحافة والإعلام وطبيعة عملها مع كثرة قضاياها ومشكلاتها التي لا تنتهي، معظم من عاصر تلك الفترة من الإعلاميين يذكرونه بالخير، لم يقم بدور الرقيب بل أجاد باقتدار دور الأخ الكبير، والذين عاصروا فترته من موظفي وزارة الإعلام لابد و أن يشهدوا بذلك حتى في أسلوب إدارته لأعمال الوزارة وهي أعمال مضنية خاصة التلفزيون وما يبث. أشهر قضية حدثت في فترة تولي الدكتور يماني لوزارة الإعلام كانت قضية «وكالة أو وزارة النفي» وهي قضية أشهر من أن يعاد سردها، لاحقاً بعد انتهاء فترة عمله في وزارة الإعلام نشط الدكتور محمد يماني في العمل الاجتماعي والخيري وحتى الرياضي، وكان حاضراً على الدوام في كل ما من شأنه تعزيز الأعمال الاجتماعية والخيرية التي تعنى بالفقراء والمعاقين، التقيت به أكثر من مرة في فعاليات من هذا النوع، فلمست حساً إنسانياً عالياً وروحاً تحمل تسامحاً وطيبة مع بساطة تنأى عن الرسميات، وهو الانطباع الذي تركه لدى كل من عرفه، وقبل ستة أشهر أخبرني أصدقائي في محافظة الليث بمنطقة مكة المكرمة عن زيارته للمحافظة التي يشكو بعض سكانها من الفقر، فتأثر الرجل من مناظر بيوت الصفيح في المحافظة، وقدم تبرعات لجمعيات خيرية ومحتاجين ضمنهم طلاب من الليث وخصّ مجمع الأنشطة الطلابية باهتمام، ثم كتب مقالاً مؤثراً في عكاظ عن زيارته وانطباعاته بعنوان: «وتحتاج الليث الى نظرة»، ضمّن فيه مشاهداته عن الأوضاع والحاجات هناك، وهو مقال يقدم مختصراً لواقع المحافظة وقراها ويركز على أحوال الفقر فيها وحاجة سكانها خاصة من الصيادين وتضررهم من التلوث التي أحدثته بعض المشاريع هناك.
اختيار الدكتور محمد عبده يماني – بعد الوزارة والمنصب – الأعمال الاجتماعية والخيرية نشاطاً لا ينقطع عنه على رغم ظروفه الصحية لا يستغرب من شخصية غلب عليها الاهتمام بالمساكين والفقراء، وكان بإمكانه أن يتجه لمسالك أخرى من مناحي الحياة، لكن هذا ما يبقى في أفئدة الناس وقبله وبعده عند الله تعالى، رحمه الله الدكتور محمد يماني، وأسكنه فسيح جناته والهم أسرته ومحبيه الصبر والسلوان.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليق واحد على سيبقى في الذاكرة

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذنا الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
    جزاك الله خير يابو احمد وماهي غريبة من الكبار امثالكم استاذي
    والرجل رحمة الله عليه يستاهل والله يابو احمد نسمع عنه ونعرف
    مواقف كثيرة للرجل نادرا ماتجدها في مسؤل ويكفي انني اقول
    لك يابو احمد انه خرج من وزارة الاعلام راكب سيارته الخاصة
    وبفلوسه .. يعني مسؤل اتعين وهو نظيف وتقاعد وهو نظيف
    ومات وهو نظيف ولااحد تجراء عليه حتى بالاشارة .
    الله يرحمك يابو ياسر وشكرا

التعليقات مغلقة.